أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٢٦٨
* (لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه) *، وكل يفر من الآخر يقول نفسي نفسي، كما في قوله تعالى: * (يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه) *.
وقد جاء ما هو أعظم من ذلك في حديث الشفاعة كل نبي يقول: نفسي نفسي، وجاء قوله تعالى: * (يوم ترونها تذهل كل مرضعة عمآ أرضعت) *، وليس بعد ذلك من فزع إلا المؤمنون * (وهم من فزع يومئذ ءامنون) * جعلنا الله تعالى منهم. آمين.
* (إن الإنسان خلق هلوعا * إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعا * إلا المصلين * الذين هم على صلاتهم دآئمون * والذين فى أموالهم حق معلوم * للسآئل والمحروم * والذين يصدقون بيوم الدين * والذين هم من عذاب ربهم مشفقون * إن عذاب ربهم غير مأمون) * قوله تعالى: * (إن الإنسان خلق هلوعا) *. الهلوع: فعول من الهلع صيغة مبالغة، والهلع، قال في الكشاف: شدة سرعة الجزع عند مس المكروه، وسرعة المنع عند مس الخير، وقد فسره الله في الآية * (إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا) *.
ولفظ الإنسان هنا مفرد، ولكن أريد به الجنس أي جنس الإنسان في الجملة بدليل استثناء المصلين بعده في قوله تعالى: * (إلا المصلين) *، ومثله قوله تعالى: * (والعصر إن الإنسان لفى خسر إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات) * ونظيره كثير.
وقد قال ابن جرير: إن هذا الوصف بالهلع في الكفار ويدل لما قاله أمران:
الأول تفسيره في الآية واستثناء المصلين وما بعده منه، لأن تلك الصفات كلها من خصائص المؤمنين، ولذا عقب عليهم بقوله:
* (أولائك فى جنات مكرمون) *، ومفهومه أن المستثنى منه على خلاف ذلك.
والثاني الحديث الصحيح: (عجبا لأمر المؤمن شأنه كله خير إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، ولا يكون ذلك إلا للمؤمن)، فمفهومه أن غير المؤمنين بخلاف ذلك، وهو الذي ينطبق عليه الوصف المذكور في الآية أنه هلوع. قوله تعالى: * (إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دآئمون) *. وصف الله تعالى من استثناهم من الإنسان الهلوع بتسع صفات.
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»