أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ١٥٥
وأجلها، فينبغي أن يسلك بها مسلكها، فلا توضع إلا في مواضعها التي جعلت لها.
وقال صاحب الإبداع في مضار الابتداع. ما نصه: ومن البدع ما يسمى بالأولى والثانية، أعني ما يقع قبل الزوال يوم الجمعة من الدعاء إليها بالذكر والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك، ولا خلاف في أن ذلك لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عهد السلف الصالح، وإنما النظر في ذمه واستحسانه ا ه.
وهذا النظر مفروغ منه في التنبيهات المتقدمة لابن حجر وابن الحاج وابن باز.
والقاعدة الأصولية الفقهية: أن العبادات مبناها على التوقيف، وما لم يكن دينا ولا عبادة عند السلف الصالح فلا حاجة إليه اليوم، كما قال مالك رحمه الله: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها.
وقد ذكر صاحب الإبداع أيضا تاريخ إحداث رفع الصوت بالصلاة والتسليم على النبي الكريم عقب الأذان، فقال: كان ابتداء ذلك في أيام السلطان الناصر صلاح الدين بن أيوب وبأمره في مصر وأعمالها، لسبب مذكور في كتب التاريخ ا ه.
والسبب يتعلق ببدعة الفاطميين بسبب بعض الأشخاص على المنابر والمنائر، فغير عمر بن عبد العزيز رحمه الله ما كان على المنابر بقوله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنكر.
وكذلك غير صلاح الدين ما كان بعد الأذان بالصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم.
تنبيه من أسباب تمسك بعض البلاد بهذين العملين هو ألا يؤذن قبل الجمعة، فاعتاضوا عن الأذان بما يسمى التطليع أو بالأولى والثانية أي التطليعة الأولى والتطليعة الثانية، وكذلك لا يؤذنون للفجر قبل الوقت فاستعاضوا عنه بالتسبيح والتكبير وغيره.
أما الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم عقب كل أذان، فقد قاسوا المؤذن على السامع في حديث: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإن من صلى علي مرة صلى الله عليه بها عشرا).
فقالوا: والمؤذن أيضا يصلي ويسلم، ثم زادوا في القياس خطة وجعلوا صلاة
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 154 154 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»