أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ١١٨
هذا في موضع آخر في قوله تعالى: * (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنآءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون) * فقد جحدوا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم فلم ينفعهم علمهم به.
وهذه الآية أشد ما ينبغي الحذر منها، وخاصة لطلاب العلم وحملته، كما قال تعالى: * (بئس مثل القوم) * أي تشبيههم في هذا المثل بهذا لحيوان المعروف.
وقد سبق للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه الكلام على هذا المثال في عدة مواضع من الأضواء، منها في الجزء الثاني عند قوله تعالى: * (فمثله كمثل الكلب) *.
ومنها في الجزء الثالث عند قوله تعالى: * (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد) *.
ومنها في الجزء الرابع عند قوله تعالى: * (ولقد صرفنا فى هاذا القرءان للناس) * في سورة الكهف بما فيه الكفاية.
والذي ينبغي التنبيه عليه هو أن أكثر المفسرين يجعله من قبيل التشبيه المفرد، وأن وجه الشبه فيه مفرد وهو عدم الانتفاع بالمحمول، كالبيت الذي فيه: والذي ينبغي التنبيه عليه هو أن أكثر المفسرين يجعله من قبيل التشبيه المفرد، وأن وجه الشبه فيه مفرد وهو عدم الانتفاع بالمحمول، كالبيت الذي فيه:
* كالعيس في البيداء يقتلها الظما * والماء فوق ظهورها محمول * والذي يظهر والله تعالى أعلم، أنه من قبيل التشبيه التمثيلي لأن وجه الشبه مركب من مجموع كون المحمول كتبا نافعة، والحامل حمار لا علاقة له بها بخلاف ما في البيت، لأن العيش يمكن أن تنتفع بالماء لو حصلت عليه، والحمار لا ينتفع بالأسفار ولو نشرت بين عينيه، وفيه إشارة إلى أن من موجبات نقل النبوة عن بني إسرائيل كلية أنهم وصلوا إلى حد الإياس من انتفاعهم بأمانة التبليغ والعمل، فنقلها الله إلى قوم أحق بها وبالقيام بها. قوله تعالى: * (قل ياأيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أوليآء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين) *. قال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في إملائه: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والذين هادوا هم اليهود.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»