أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ١٠١
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام قال لأبيه وقومه: إنه براء أي بريء، من جميع معبوداتهم التي يعبدونها، من دون الله أي يعني أنه بريء من عبادة كل معبود، إلا المعبود الذي خلقه وأوجده فهو وحده معبوده.
وقد أوضح تعالى هذا المعنى الذي ذكره عن إبراهيم في مواضع أخر من كتابه كقوله تعالى: * (قال أفرءيتم ما كنتم تعبدون أنتم وءابآؤكم الا قدمون فإنهم عدو لى إلا رب العالمين الذى خلقنى فهو يهدين 4) *. وكقوله تعالى: * (فلما رأى الشمس بازغة قال هاذا ربى هاذآ أكبر فلمآ أفلت قال ياقوم إنى برىء مما تشركون إنى وجهت وجهى للذى فطر السماوات والا رض حنيفا ومآ أنا من المشركين) *.
وزاد جل وعلا في سورة الممتحنة براءته أيضا من العابدين وعداوته لهم وبغضه لهم في الله، وذلك في قوله تعالى: * (قد كانت لكم أسوة حسنة فى إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءآؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضآء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده) *.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (فإنه سيهدين) * ذكر نحوه في قوله: * (الذى خلقنى فهو يهدين) * وقوله تعالى: * (وقال إنى ذاهب إلى ربى سيهدين) * وقوله تعالى: * (فلمآ أفل قال لئن لم يهدنى ربى لاكونن من القوم الضآلين) *.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة * (إننى برآء مما تعبدون) * * (إلا الذى فطرنى) * أي خلقني. يدل على أنه لا يستحق العبادة، إلا الخالق وحده جل وعلا.
وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة، دلت عليه آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى: * (ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم) *، وقوله تعالى: * (واتقوا الذى خلقكم والجبلة الا ولين) * وقوله تعالى: * (أم جعلوا لله شركآء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شىء وهو الواحد القهار) * وقوله تعالى: * (أفمن يخلق كمن لا يخلق) *، وقوله تعالى: * (أيشركون ما لا يخلق شيئا
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»