أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٩٦
فملكه تعالى وحده للتوفيق والهداية، هو الحجة البالغة على خلقه، يعني فمن هديناه وتفضلنا عليه بالتوفيق، فهو فضل منا ورحمة.
ومن لم نفعل له ذلك فهو عدل منا وحكمة، لأنه لم يكن له ذلك دينا علينا ولا واجبا مستحقا يستحقه علينا، بل إن أعطينا ذلك ففضل، وإن لم نعطه فعدل.
وحاصل هذا: أن الله تبارك وتعالى قدر مقادير الخلق، قبل أن يخلق الخلق، وعلم أن قوما صائرون إلى الشقاء وقوما صائرون إلى السعادة، فريق في الجنة وفريق في السعير.
وأقام الحجة على الجميع، ببعث الرسل وتأييدهم بالمعجزات التي لا تترك في الحق لبسا فقامت عليهم حجة الله في أرضه بذلك.
ثم إنه تعالى وفق من شاء توفيقه، ولم يوفق من سبق لهم في علمه الشقاء الأزلي، وخلق لكل واحد منهم قدرة وإرادة يقدر بها على تحصيل الخير والشر، وصرف قدرهم وإراداتهم بقدرته وإرادته إلى ما سبق لهم في علمه، من أعمال الخير المستوجبة للسعادة وأعمال الشر المستوجبة للشقاء.
فأتوا كل ما أتوا وفعلوا كل ما فعلوا، طائعين مختارين، غير مجبورين، ولا مقهورين * (وما تشآءون إلا أن يشآء الله) *. * (قل فلله الحجة البالغة فلو شآء لهداكم أجمعين) *.
وادعاء أن العبد مجبور لا إرادة له ضروري السقوط عند عامة العقلاء.
ومن أعظم الضرويات الدالة عليه أن كل عاقل يعلم أن بين الحركة الاختيارية والحركة الاضطرارية، كحركة المرتعش فرقا ضروريا، لا ينكره عاقل.
وأنك لو ضربت من يدعي أن الخلق مجبورون، وفقأت عينه مثلا، وقتلت ولده واعتذرت له بالجبر، فقلت له: أنا مجبور ولا إرادة لي في هذا السوء الذي فعلته بك، بل هو فعل الله، وأنا لا دخل فيه فإنه لا يقبل منك هذه الدعوى بلا شك.
بل يبالغ في إرادة الانتقام منك قائلا:
إن هذا بإرادتك ومشيئتك.
(٩٦)
مفاتيح البحث: القتل (1)، الحج (1)، الضرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»