أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٩٠
الإناث، قال ولم أجده في شعر قديم ولا رواه عن العرب الثقات، وأجزأت المرأة ولدت الإناث، وأنشد أبو حنيفة: * زوجتها من بنات الأوس مجزئة * البيت انتهى الغرض من كلام صاحب اللسان.
وظاهر كلامه هذا الذي نقله عن الزجاج أن قولهم: أجزأت المرأة إذا ولدت الإناث معروف، ولذا ذكره وذكر البيت الذي أنشده له أبو حنيفة كالمسلم له.
والوجه الثاني: وهو التحقيق إن شاء الله أن المراد بالجزء في الآية الولد، وأنه أطلق عليه اسم الجزء، لأن الفرع كأنه جزء من أصله والولد كأنه بضعة من الوالد كما لا يخفى.
وأما كون المراد بالولد المعبر عنه بالجزء في الآية خصوص الإناث فقرينة السياق دالة عليه دلالة واضحة، لأن جعل الجزء المذكور لله من عباده هو بعينه الذي أنكره الله إنكارا شديدا وقرع مرتكبه تقريعا شديدا في قوله تعالى بعده * (أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمان مثلا ظل وجهه مسودا) * إلى قوله: * (وهو فى الخصام غير مبين) *.
وقرأ هذا الحرف شعبة عن عاصم * (جزءا) * بضم الزاي وباقي السبعة بإسكانها وحمزة عند الوقف يسقط الهمزة، بنقل حركتها إلى الزاي مع حذف التنوين للوقف. قوله تعالى: * (أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين) *. أم هنا بمعنى استفهام الإنكار، فالكفار لما قالوا: الملائكة بنات الله أنكر الله عليهم أشد الإنكار، موبخا لهم أشد التوبيخ، حيث افتروا عليه الولد، ثم جعلوا له أنقص الولدين وأحقرهما وهو الأنثى كما قال هنا: * (أم اتخذ مما يخلق بنات) * وهي النصيب الأدنى من الأولاد، وأصفاكم أنتم، أي خصكم وآثركم بالبنين الذين هم النصيب الأعلى من الأولاد.
وإنكار هذا عليهم وتوبيخهم عليه جاء موضحا في آيات كثيرة كقوله هنا * (وإذا
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»