أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٩٤
وقال تعالى: * (فلو شآء لهداكم أجمعين) *، وقال تعالى: * (ولو شآء ربك لآمن من فى الا رض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) *.
وهذا الإشكال المذكور في آية الزخرف هو بعينه واقع في آية الأنعام، وآية النحل.
أما آية الأنعام فهي قوله: * (سيقول الذين أشركوا لو شآء الله مآ أشركنا ولا ىابآؤنا ولا حرمنا من شىء) *.
وأما آية النحل، فهي قوله: * (وقال الذين أشركوا لو شآء الله ما عبدنا من دونه من شىء نحن ولا ءاباؤنا) *.
فإذا عرفت أن ظاهر آية الزخرف وآية الأنعام، وآية النحل: أن ما قاله الكفار حق، وأن الله لو شاء ما عبدوا من دونه من شيء ولا أشركوا به شيئا، كما ذكرنا في الآيات الموضحة قريبا.
فاعلم أن وجه الإشكال، أن الله صرح بكذبهم في هذه الدعوى التي ظاهرها حق، قال في آية الزخرف: * (ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون) * أي يكذبون، وقال في آية الأنعام * (كذالك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنآ إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون) *، وقال في آية النحل * (كذالك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين) *.
ومعلوم أن الذي فعله الذين من قبلهم، هو الكفر بالله والكذب على الله، في جعل الشركاء له وأنه حرم ما لم يحرمه.
والجواب عن هذا أن مراد الكفار بقولهم * (لو شآء الرحمان ما عبدناهم) * وقولهم * (لو شآء الله مآ أشركنا) * مرادهم به أن الله لما كان قادرا على منعهم من الشرك، وهدايتهم إلى الإيمان ولم يمنعهم من الشرك. دل ذلك على أنه راض منهم بالشرك في زعمهم.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»