أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٧٥
والأظهر أنها الجنة، ويدل له حديث (الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم) في تفسير قوله تعالى: * (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) * كما قدمناه.
وآية النجم المذكورة هي قوله تعالى * (ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى) * ثم بين المراد بالذين أحسنوا في قوله * (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة) *.
وأظهر الأقوال في قوله: إلا اللمم، أن المراد باللمم صغائر الذنوب، ومن أوضح الآيات القرآنية في ذلك قوله تعالى: * (إن تجتنبوا كبآئر ما تنهون عنه) *. فدلت على أن اجتناب الكبائر سبب لغفران الصغائر، وخير ما يفسر به القرآن، القرآن.
ويدل لهذا حديث ابن عباس الثابت في الصحيح: قال ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العين النظر وزنا اللسان المنطق والنفس تمني وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه).
وعلى هذا القول فالاستثناء في قوله إلا اللمم منقطع، لأن اللمم الذي هو الصغائر على هذا القول لا يدخل في الكبائر والفواحش، وقد قدمنا تحقيق المقام في الاستثناء المنقطع. في سورة مريم في الكلام على قوله تعالى * (لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما) *.
وقالت جماعة من أهل العلم: الاستثناء متصل فالواو وعليه، فمعنى إلا اللمم: إلا أن يلم بفاحشة مرة ثم يجتنبها ولا يعود لها بعد ذلك.
واستدلوا لذلك بقول الراجز: واستدلوا لذلك بقول الراجز:
* إن تغفر اللهم تغفر جما * وأي عبد لك ما ألما * وروى هذا البيت ابن جرير والترمذي وغيرهما مرفوعا. وفي صحته مرفوعا نظر.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»