وفي بعضها أن منها الغلول، ويدل له قوله تعالى: * (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) *. وقدمنا معنى الغلول في سورة الأنفال، وذكرنا حكم الغال.
وفي بعضها (أن من أهل الكبائر الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا). ويدل له قوله تعالى: * (أولائك لا خلاق لهم فى الا خرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) * ولم نذكر أسانيد هذه الروايات ونصوص متونها خوف الإطالة، وأسانيد بعضها لا تخلو من نظر لكنها لا يكاد يخلو شيء منها عن بعض الشواهد الصحيحة، من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
واعلم أن أهل العلم اختلفوا في حد الكبيرة.
فقال بعضهم: هي كل ذنب استوجب حدا من حدود الله.
وقال بعضهم: هي كل ذنب جاء الوعيد عليه بنار أو لعنة أو غضب أو عذاب.
واختار بعض المتأخرين حد الكبيرة بأنها هي كل ذنب دل على عدم اكتراث صاحبه بالدين.
وعن ابن عباس: أن الكبائر أقرب إلى السبعين منها إلى السبع. وعنه أيضا أنها أقرب إلى سبعمائة منها إلى سبع.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: التحقيق أنها لا تنحصر في سبع، وأن ما دل عليه من الأحاديث على أنها سبع لا يقتضى انحصارها في ذلك العدد، لأنه إنما دل على نفي غير السبع بالمفهوم، وهو مفهوم لقب، والحق عدم اعتباره.
ولو قلنا إنه مفهوم عدد لكان غير معتبر أيضا، لأن زيادة الكبائر على السبع مدلول عليها بالمنطوق.
وقد جاء منها في الصحيح عدد أكثر من سبع، والمنطوق مقدم على المفهوم، مع أن مفهوم العدد ليس من أقوى المفاهيم.
والأظهر عندي في ضابط الكبيرة أنها كل ذنب اقترن بما يدل على أنه أعظم من مطلق المعصية سواء كان ذلك الوعيد عليه بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب، أو كان وجوب الحد فيه، أو غير ذلك مما يدل على تغليظ التحريم وتوكيده.