أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٦٥
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن الله تعالى هو الذي أنزل الكتاب والميزان أوضحه في غير هذا الموضع كقوله تعالى في سورة الحديد * (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) *. فصرح تعالى بأنه أنزل مع رسله بالكتاب والميزان لأجل أن يقوم الناس بالقسط، وهو العدل والإنصاف. وكقوله تعالى في سورة الرحمان * (والسمآء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا فى الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان) *.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي والله تعالى أعلم: أن الميزان في سورة الشورى وسورة الحديد هو العدل والإنصاف، كما قاله غير واحد من المفسرين.
وأن الميزان في سورة الرحمان هو الميزان المعروف أعني آلة الوزن التي يوزن بها بعض المبيعات.
ومما يدل على ذلك أنه في سورة الشورى وسورة الحديد عبر بإنزال الميزان لا بوضعه، وقال في سورة الشورى * (الله الذى أنزل الكتاب بالحق والميزان) *. وقال في الحديد: * (وأنزلنا معهم الكتاب والميزان) *.
وأما في سورة الرحمان فقد عبر بالوضع لا الإنزال، قال * (والسمآء رفعها ووضع الميزان) * ثم أتبع ذلك بما يدل على أن المراد به آلة الوزن المعروفة، وذلك في قوله: * (وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان) *، لأن الميزان الذي نهوا عن إخساره هو أخو المكيال، كما قال تعالى * (أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشيآءهم) * وقال تعالى * (ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون) *. وقال تعالى عن نبيه شعيب: * (ولا تنقصوا المكيال والميزان) *. وقال تعالى عنه أيضا * (قد جآءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان) *. وقال تعالى في سورة الأنعام: * (وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها) * وقال تعالى في سورة بني
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»