أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٥٤٦
الشيطان وعبر عنه بصيغة المبالغة، التي هي المفعول لكثرة غروره لبني آدم، كما قال تعالى * (وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) *.
وما ذكره جل وعلا وفي هذه الآية الكريمة، من أن الشيطان الكثير بالغرور غرهم بالله، جاء موضحا في آيات أخر كقوله تعالى في آخر لقمان: * (إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحيواة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور) *، وقوله في أول فاطر * (ياأيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحيواة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير) * وقوله تعالى في آية لقمان وآية فاطر المذكورتين * (إن وعد الله حق) *.
وترتيبه على ذلك النهي عن أن يغرهم بالله الغرور، دليل واضح على أن مما يغرهم به الشيطان أن وعد الله بالبعث ليس بحق، وأنه غير واقع، والغرور بالضم الخديعة. قوله تعالى: * (فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة آل عمران في الكلام على قوله تعالى: * (فلن يقبل من أحدهم ملء الا رض ذهبا ولو افتدى به) * وفي غير ذلك من المواضع.
* (ألم يأن للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الا مد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون * اعلموا أن الله يحى الا رض بعد موتها قد بينا لكم الا يات لعلكم تعقلون * إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم * والذين ءامنوا بالله ورسله أولائك هم الصديقون والشهدآء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بأاياتنآ أولائك أصحاب الجحيم * اعلموا أنما الحيواة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر فى الا موال والا ولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفى الا خرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحيواة الدنيآ إلا متاع الغرور * سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السمآء والا رض أعدت للذين ءامنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشآء والله ذو الفضل العظيم * مآ أصاب من مصيبة فى الا رض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأهآ إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بمآ ءاتاكم والله لا يحب كل مختال فخور * الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله هو الغنى الحميد * لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوى عزيز * ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا فى ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون * ثم قفينا علىءاثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وءاتيناه الإنجيل وجعلنا فى قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغآء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فأاتينا الذين ءامنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون * ياأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وءامنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم * لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شىء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشآء والله ذو الفضل العظيم) * قوله تعالى: * (ألم يأن للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الا مد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) *. قد قدمنا مرارا أن كل فعل مضارع في القرآن مجزوم بلم، إذا تقدمتها همزة الاستفهام كما هنا فيه وجهان من التفسير معروفان.
الأول منهما: هو أن تقلب مضارعته ماضوية، ونفيه إثباتا، فيكون بمعنى الماضي المثبت، لأن لم حرف تقلب المضارع من معنى الاستقبال إلى معنى المضي، وهمزة الاستفهام إنكارية فيها معنى النفي، فيتسلط النفي الكامن فيها على النفي الصريح في لم فينفيه. ونفي النفي إثبات، فيرجع المعنى إلى الماضي المثبت. وعليه فالمعنى، * (ألم يأن للذين) *: أي آن للذين آمنوا.
والوجه الثاني: أن الاستفهام في جميع ذلك للتقرير، وهو حمل المخاطب على أن
(٥٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 551 ... » »»