أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٥٥٠
وتعالى أنزل الحديد أي خلقه لبني آدم ليردع به المؤمنون الكافرين المعاندين، وهو قتلهم إياهم بالسيوف والرماح والسهام، وعلى هذا فقوله هنا: * (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد) * توضحه آيات كثيرة، كقوله تعالى: * (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم) *، وقوله تعالى * (فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان) *، والآيات في مثل ذلك كثيرة معلومة، وقوله: * (ومنافع للناس) *، لا يخفى ما في الحديد من المنافع للناس، وقد أشار الله إلى ذلك في قوله: * (ومما يوقدون عليه فى النار ابتغآء حلية أو متاع) * لأن مما يوقد عليه في النار ابتغاء المتاع الحديد. قوله تعالى: * (فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الزخرف في الكلام على قوله تعالى: * (وجعلها كلمة باقية فى عقبه لعلهم يرجعون بل متعت هاؤلاء) *. قوله تعالى: * (ياأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وءامنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم) *. قد قدمنا أن التحقيق أن هذه الآية الكريمة من سورة الحديد في المؤمنين من هذه الأمة، وأن سياقها واضح في ذلك، وأن من زعم من أهل العلم أنها في أهل الكتاب فقد غلط، وأن ما وعد الله به المؤمنين من هذه الأمة أعظم مما وعد به مؤمني أهل الكتاب وإتيانهم أجرهم مرتين كما قال تعالى فيهم: * (الذين ءاتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا ءامنا به إنه الحق من ربنآ إنا كنا من قبله مسلمين أولائك يؤتون أجرهم مرتين) *.
وكون ما وعد به المؤمنين من هذه الأمة أعظم أن إيتاء أهل الكتاب أجرهم مرتين أعطى المؤمنين من هذه الأمة مثله كما بينه بقوله: * (يؤتكم كفلين من رحمته) *، وزادهم بقوله: * (ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم) *. قوله تعالى: * (وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشآء والله ذو الفضل العظيم) *. ما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن الفضل بيد الله وحده وأنه يؤتيه من يشاء جاء
(٥٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 545 546 547 548 549 550 551 552 553 554 555 ... » »»