مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله) *، فالاقشعرار المذكور، ولين الجلود والقلوب عند سماع هذا القرآن العظيم المعبر عنه بأحسن الحديث، يفسر معنى الخشوع لذكر الله، وما نزل من الحق هنا كما ذكر، وقوله تعالى: * (ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الا مد فقست قلوبهم) * قد قدمنا في سورة البقرة في الكلام على قوله: * (ثم قست قلوبكم) * بعض أسباب قسوة قلوبهم، فذكرنا منها طول الأمد المذكور هنا في آية الحديد هذه، وغير ذلك في بعض الآيات الأخر.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كثرة الفاسقين، من أهل الكتاب جاء موضحا في آيات أخر كقوله تعالى: * (ولو ءامن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون) * وقوله تعالى: * (فأاتينا الذين ءامنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون) * إلى غير ذلك من الآيات. قوله تعالى: * (كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما) *. قد قدمنا الكلام عليه في سورة الزمر في الكلام على قوله تعالى: * (ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما) *، وبينا هناك الآية الدالة على سبب اصفراره. قوله تعالى: * (مآ أصاب من مصيبة فى الا رض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأهآ إن ذلك على الله يسير) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أن كل ما أصاب من المصائب في الأرض كالقحط والجدب والجوائح في الزراعة والثمار وفي الأنفس، من الأمراض والموت كله مكتوب في كتاب قبل خلق الناس، وقبل وجود المصائب، فقوله: * (من قبل أن نبرأهآ) *، الضمير فيه عائد على الخليقة المفهومة في ضمن قوله: * (و فى أنفسكم) * أو إلى المصيبة، واختار بعضهم رجوعه لذلك كله.
وقوله تعالى: * (إن ذلك على الله يسير) * أي سهل هين لإحاطة علمه وكمال قدرته.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أنه لا يصيب الناس شيء من المصائب إلا وهو