أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٤٤٢
قوله تعالى: * (فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة فصلت في الكلام على قوله تعالى * (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون) *. قوله تعالى: * (والسمآء بنيناها بأيد وإنا لموسعون) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة ق في الكلام على قوله تعالى: * (أفلم ينظروا إلى السمآء فوقهم كيف بنيناها) *.
تنبيه قوله تعالى في هذه الآية الكريمة * (بنيناها بأيد) *، ليس من آيات الصفات المعروفة بهذا الاسم، لأن قوله * (بأيد) * ليس جمع يد: وإنما الأيد القوة، فوزن قوله هنا بأيد فعل، ووزن الأيدي أفعل، فالهمزة في قوله: * (بأيد) * في مكان الفاء والياء في مكان العين، والدال في مكان اللام. ولو كان قوله تعالى: * (بأيد) * جمع يد لكان وزنه أفعلا، فتكون الهمزة زائدة والياء في مكان الفاء، والدال في مكان العين والياء المحذوفة لكونه منقوصا هي اللام.
والأيد، والآد في لغة العرب بمعنى القوة، ورجل أيد قوي، ومنه قوله تعالى * (وأيدناه بروح القدس) * أي قويناه به، فمن ظن أنها جمع يد في هذه الآية فقد غلط فاحشا، والمعنى: والسماء بنيناها بقوة. قوله تعالى: * (كذلك مآ أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه ما أتى نبي قوما إلا قالوا ساحر أو مجنون، ثم قال: * (أتواصوا به) *، ثم أضرب عن تواصيهم بذلك إضراب إبطال، لأنهم لم يجمعوا في زمن حتى يتواصوا فقال: * (بل هم قوم طاغون) * أي الموجب الذي جمعهم على اتفاقهم جميعا على تكذيب الرسل ونسبتهم للسحر والجنون، واتحاد في الطغيان الذي هو مجاوزة الحد في الكفر.
(٤٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 ... » »»