أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٤٤٠
اختلف العلماء في المراد بكون رزق الناس في السماء، فذهبت جماعة من أهل العلم، أن المراد أن جميع أرزاقهم منشؤها من المطر وهو نازل من السماء، ويكثر في القرآن إطلاق اسم الرزق على المطر، لهذا المعنى كقوله تعالى: * (هو الذى يريكم ءاياته وينزل لكم من السمآء رزقا) *. وقوله تعالى: * (واختلاف اليل والنهار ومآ أنزل الله من السمآء من رزق) *.
وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة المؤمن.
وإنزاله تعالى الرزق من السماء بإنزال المطر من أعظم آياته الدالة على عظمته وأنه المعبود وحده، ومن أعظم نعمه على خلقه في الدنيا، ولذلك كثر الامتنان به في القرآن على الخلق.
وقال بعض أهل العلم: معنى قوله: * (وفى السمآء رزقكم) * أن أرزاقكم مقدرة مكتوبة، والله جل وعلا يدبر أمر الأرض من السماء، كما قال تعالى: * (يدبر الا مر من السمآء إلى الا رض ثم يعرج إليه) *: قوله تعالى: * (وما توعدون) *، ما، في محل رفع عطف على قوله: * (رزقكم) *، والمراد بما يوعدون، قال بعض أهل العلم: الجنة، لأن الجنة فوق السماوات، فإطلاق كونها في السماء إطلاق عربي صحيح، لأن العرب تطلق السماء على كل ما علاك كما قيل: رزقكم) *، والمراد بما يوعدون، قال بعض أهل العلم: الجنة، لأن الجنة فوق السماوات، فإطلاق كونها في السماء إطلاق عربي صحيح، لأن العرب تطلق السماء على كل ما علاك كما قيل:
* وقد يسمى سماء كل مرتفع * وإنما الفضل حيث الشمس والقمر * ولما حكى النابغة الجعدي شعره المشهور، قال فيه: ولما حكى النابغة الجعدي شعره المشهور، قال فيه:
* بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا * وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا * قال له صلى الله عليه وسلم (إلى أين يا أبي ليلى: قال: إلى الجنة، قال: نعم إن شاء الله).
وقال بعض أهل العلم: وما توعدون من الخير والشر كله مقدر في السماء، كما بيناه في القول الثاني في المراد بالرزق في الآية، وهذا المعنى فيما يوعدون به أنسب لهذا القول الثاني في معنى الرزق.
وقد وردت قصص تدل على أنه هو الذي يتبادر إلى ذهن السامع، فمن ذلك ما ذكره غير واحد عن سفيان الثوري أنه قال: قرأ واصل الأحدب هذه الآية * (وفى السمآء رزقكم
(٤٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 ... » »»