أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٤٣٩
ومعنى هذه الآية أن دين الكفار، الذي هو الشرك بالله وعبادة الأوثان، مع حرصهم على صد الناس عن دين الإسلام إليه ما هم بفاتنين، أي ليسوا بمضلين عليه أحدا لظهور فساده وبطلانه إلا من هو صال الجحيم، أي إلا من قدر الله عليه الشقاوة وأنه من أهل النار في سابق علمه، هذا هو الظاهر لنا في معنى هذه الآية الكريمة.
وأكثر المفسرين على أن الضمير في قوله: * (يؤفك عنه) * راجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو القرآن، أي يصرف عن الإيمان بالنبي أو القرآن، من أفك أي صرف عن الحق، وحرم الهدي لشدة ظهور الحق في صدق النبي صلى الله عليه وسلم، وأن القرآن منزل من الله، وهذا خلاف ظاهر السياق كما ترى.
وقول من قال: يؤفك عنه. أي يصرف عن القول المختلف الباطل من أفك، أي من صرف عن الباطل إلى الحق لا يخفى بعده وسقوطه.
والذين قالوا: هذا القول يزعمون أن الإفك يطلق على الصرف عن الحق إلى الباطل، وعن الباطل إلى الحق، ويبعد هذا أن القرآن لم يرد فيه الإفك مراد به إلا الصرف عن الخير إلى الشر دون عكسه. قوله تعالى: * (إن المتقين فى جنات وعيون) *. لا يخفى على من عنده علم بأصول الفقه أن هذه الآية الكريمة فيها الدلالة المعروفة عند أهل الأصول بدلالة الإيماء والتنبيه على أن سبب نيل هذه الجنات والعيون هو تقوى الله والسبب الشرعي هو العلة الشرعية على الأصح، وكون التقوى سبب دخول الجنات الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة، جاء موضحا في آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى: * (تلك الجنة التى نورث من عبادنا من كان تقيا) * وقد قدمنا الآيات الموضحة لذلك في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: * (لهم فيها ما يشآءون كذلك يجزى الله المتقين) *.
* (وفى الا رض ءايات للموقنين * وفى أنفسكم أفلا تبصرون * وفى السمآء رزقكم وما توعدون * فورب السمآء والا رض إنه لحق مثل مآ أنكم تنطقون * هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين * إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون * فراغ إلى أهله فجآء بعجل سمين * فقربه إليهم قال ألا تأكلون * فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم * فأقبلت امرأته فى صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم * قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم * قال فما خطبكم أيها المرسلون * قالوا إنآ أرسلنآ إلى قوم مجرمين * لنرسل عليهم حجارة من طين * مسومة عند ربك للمسرفين * فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين * وتركنا فيهآ ءاية للذين يخافون العذاب الا ليم * وفى موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين * فتولى بركنه وقال ساحر أو مجنون * فأخذناه وجنوده فنبذناهم فى اليم وهو مليم * وفى عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم * ما تذر من شىء أتت عليه إلا جعلته كالرميم * وفى ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين * فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون * فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين * وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوما فاسقين * والسمآء بنيناها بأيد وإنا لموسعون * والا رض فرشناها فنعم الماهدون * ومن كل شىء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون * ففروا إلى الله إنى لكم منه نذير مبين * ولا تجعلوا مع الله إلاها ءاخر إنء لكم منه نذير مبين * كذلك مآ أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون * أتواصوا به بل هم قوم طاغون * فتول عنهم فمآ أنت بملوم * وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين * وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) * قوله تعالى: * (وفى الا رض ءايات للموقنين وفى أنفسكم أفلا تبصرون) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في أول سورة الجاثية. قوله تعالى: * (وفى السمآء رزقكم وما توعدون) *.
(٤٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 ... » »»