فقد قدمنا هناك أنه قال: إن من خرج عن المذاهب الأربعة فهو ضال مضل، ولو وافق الصحابة، والحديث الصحيح والآية.
وربما أداه ذلك إلى الكفر، لأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفرا فمن هذا مذهبه ودينه، وكيف يستدل باستحياء عمر من مخالفة أبي بكر؟
بل كيف يستدل بنص من نصوص الوحي، أو قول أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
مع أن أبا بكر خليفة راشد أمر النبي بالاقتداء به في قوله: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) الحديث.
فليس الاقتداء بالخلفاء كالاقتداء بغيرهم.
وأما استدلالهم على تقليدهم بقول عمر لأبي بكر رضي الله عنهما: رأينا لرأيك تبع.
فيكفي في رده ما قدمنا قريبا، من مخالفة عمر لأبي بكر، مع القصة التي قال له فيها: رأينا لرأيك تبع، رد فيها على أبي بكر بعض ما قاله.
وأيد الصحابة ما قال عمر في رده على أبي بكر رضي الله عنهما.
لأن الحديث المذكور في وفد بزاخة من أسد وغطفان حين قدموا على أبي بكر يسألونه الصلح، فخيرهم أبو بكر بين الحرب المجلية والسلم المخزية.
فقالوا هذه المجلية قد عرفناها. فما المخزية؟
قال: تنزع منكم الحلقة والكراع، ونغنم ما أصبنا لكم وتردون لنا ما أصبتم منا؟ وتدون لنا قتلانا إلى آخر كلامه.
وفيه: فقام عمر بن الخطاب فقال: قد رأيت رأيا سنشير عليك.
أما ما ذكرت من الحرب المجلية والسلم المخزية فنعم ما ذكرت.
وما ذكرت من أن نغنم ما أصبنا منكم، وتردون ما أصبتم منا، فنعم ما ذكرت.
وأما ما ذكرت من أن تدون قتلانا وتكون قتلاكم في النار.
فإن قتلانا قد قاتلت فقتلت على ما أمر الله أجورها على الله، ليس لها ديات.
فتتابع القوم على ما قال عمر رضي الله عنه.
فهذه القصة الثابتة: هي التي في بعض ألفاظها ورأينا لرأيك تبع.