بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في البكر الزاني أقره على ذلك، ولم ينكره، فلم يكن سؤالهم عن رأيهم ومذاهبهم.
وأما استدلالهم بأن عمر قال في الكلالة: إني لأستحيي من الله أن أخالف أبا بكر، وأن ذلك تقليد منه له. فلا حجة لهم فيه أيضا.
وخلاف عمر لأبي بكر رضي الله عنهما أشهر من أن يذكر.
كما خالفه في سبي أهل الردة فسباهم أبو بكر، وخالفه عمر.
وبلغ خلافه إلى أن ردهن حرائر إلى أهلهن إلا لمن ولدت لسيدها منهن.
ونقص حكمه، ومن جملتهن خولة الحنفية أم محمد بن علي.
وخالفه في أرض العنوة فقسمها أبو بكر ووقفها عمر.
وخالفه في المفاضلة في العطاء، فرأى أبو بكر التسوية، ورأى عمر المفاضلة.
وخالفه في الاستخلاف، فاستخلف أبو بكر عمر على المسلمين، ولم يستخلف عليهم عمر أحدا إيثارا لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على فعل أبي بكر رضي الله عنهم.
وخالفه في الجد والإخوة، مع أن خلاف أبي بكر الذي استحيي منه عمر هو خلافه في قوله: إن يكون صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله منه برئ، هو ما دون الولد والوالد فاستحيى عمر من مخالفة أبي بكر في اعترافه بجواز الخطأ عليه، وأنه ليس كلامه كله صوابا مأمونا عليه الخطأ.
ويدل على ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أقر عند موته أنه لم يقض في الكلالة بشيء.
وقد اعترف أنه لم يفهمها، قاله في إعلام الموقعين. ومن العجب استدلال المقلدين على تقليدهم، باستحياء عمر من مخالفة أبي بكر، مع أنهم لم يستحيوا من مخالفة أبي بكر وعمر، وجميع الصحابة، ومخالفة الكتاب والسنة إذا كان ذلك، لا يوافق مذهب إمامهم، كما هو معلوم من عادتهم.
وكما أوضحه الصاوي في الكلام الذي قدمنا على قوله تعالى: * (ولا تقولن لشىء إنى فاعل ذالك غدا إلا أن يشآء الله) *.