واعلم أن إطلاقه تعالى الرزق على الماء، في آية الجاثية هذه، قد أوضحنا وجهه في سورة المؤمن في الكلام على قوله تعالى: * (هو الذى يريكم ءاياته وينزل لكم من السمآء رزقا) *.
وأما السادس منها: وهو تصريف الرياح المذكور في قوله * (وتصريف الرياح) * فقد جاء موضحا أيضا في آيات من كتاب الله كقوله في البقرة: * (وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السمآء والأرض لآيات لقوم يعقلون) * وقوله تعالى: * (ومن ءاياته أن يرسل الرياح مبشرات) *، وقوله تعالى * (وأرسلنا الرياح لواقح) * إلى غير ذلك من الآيات.
تنبيه اعلم أن هذه البراهين العظيمة المذكورة، في أول سورة الجاثية، هذه ثلاثة منها، من براهين البعث، التي يكثر في القرآن العظيم، الاستدلال بها على البعث، كثرة مستفيضة.
وقد أوضحناها في مواضع من هذا الكتاب المبارك في سورة البقرة وسورة النحل وغيرهما، وأحلنا عليها مرارا كثيرة في هذا الكتاب المبارك وسنعيد طرفا منها هنا لأهميتها إن شاء الله تعالى.
والأول من البراهين المذكورة هو خلق السماوات والأرض المذكور هنا في سورة الجاثية هذه * (إن فى السماوات والا رض لايات للمؤمنين) * لأن خلقه جل وعلا للسماوات والأرض، من أعظم البراهين على بعث الناس بعد الموت لأن من خلق الأعظم الأكبر، لا شك في قدرته على خلق الأضعف الأصغر.
والآيات الدالة على هذا كثيرة كقوله تعالى: * (لخلق السماوات والا رض أكبر من خلق الناس) * أي ومن قدر على خلق الأكبر فلا شك أنه قادر على خلق الأصغر، وقوله تعالى: * (أوليس الذى خلق السماوات والا رض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم) *. وقوله تعالى: * (أولم يروا أن الله الذى خلق السماوات والا رض ولم يعى بخلقهن بقادر على أن يحى الموتى بلى إنه على كل شىء قدير) * وقوله تعالى: * (أولم يروا أن الله الذى خلق السماوات والا رض قادر