أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٣٤٥
وأما كون تدبر آياته، من حكم إنزاله: فقد أشار إليه في بعض الآيات، بالتحضيض على تدبره، وتوبيخ من لم يتدبره، كقوله تعالى * (أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوب أقفالهآ) *. وقوله تعالى: * (أفلا يتدبرون القرءان ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) * وقوله تعالى: * (أفلم يدبروا القول أم جآءهم ما لم يأت ءابآءهم الا ولين) *.
وأما كون تذكر أولي الألباب، من حكم إنزاله، فقد ذكره في غير هذا الموضع، مقترنا ببعض الحكم الأخرى، التي لم تذكر في آية ص هذه كقوله تعالى في سورة إبراهيم * (هاذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إلاه واحد وليذكر أولوا الألباب) * فقد بين في هذه الآية الكريمة، أن تذكر أولي الألباب، من حكم إنزاله مبينا منها حكمتين أخريين، من حكم إنزاله، وهما إنذار الناس به، وتحقيق معنى لا إله إلا الله، وكون إنذار الناس وتذكر أولي الألباب، من حكم إنزاله، ذكره في قوله تعالى: * (المص كتاب أنزل إليك فلا يكن فى صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين) * لأن اللام في قوله لتنذر، متعلقة بقوله: أنزل، والذكرى اسم مصدر بمعنى التذكير، والمؤمنون في الآية لا يخفى أنهم هم أولوا الألباب.
وذكر حكمة الإنذار في آيات كثيرة كقوله: * (تبارك الذى نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا) *. وقوله تعالى: * (وأوحى إلى هاذا القرءان لا نذركم به ومن بلغ) *. وقوله تعالى: * (تنزيل العزيز الرحيم لتنذر قوما مآ أنذر ءابآؤهم) *. وقوله تعالى: * (لينذر من كان حيا) *.
وذكر في آيات أخر، أن من حكم إنزاله، الإنذار والتبشير معا، كقوله تعالى: * (فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا) *. وقوله تعالى: * (الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات) *.
وبين جل وعلا أن من حكم إنزاله أن يبين صلى الله عليه وسلم للناس ما أنزل إليهم ولأجل أن يتفكروا، وذلك قوله تعالى: * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) *.
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»