أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٢٠٨
محض القياس والفقه، ألا ترى أنه إذا قال: لله علي أن أعتق، أو أحج، أو أصوم، لزمه. ولو قال: إن كلمت فلانا فلله علي ذلك على وجه اليمين، فهو يمين. وكذلك لو قال: هو يهودي أو نصراني كفر بذلك، ولو قال: إن فعل كذا فهو يهودي أو نصراني كان يمينا. وطرد هذا بل نظيره من كل وجه، أنه إذا قال: أنت علي كظهر أمي كان ظهارا، فلو قال: إن فعلت كذا، فأنت علي كظهر أمي كان يمينا، وطرد هذا أيضا إذا قال: أنت طالق كان طلاقا، ولو قال: إن فعلت كذا فأنت طالق كان يمينا، فهذه هي الأصول الصحيحة المطردة المأخوذة من الكتاب والسنة والميزان، وبالله التوفيق. انتهى كلام ابن القيم.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر أقوال أهل العلم عندي مع كثرتها وانتشارها: أن التحريم ظهار، سواء كان منجزا أو معلقا؛ لأن المعلق على شرط من طلاق أو ظهار يجب بوجود الشرط المعلق عليه، ولا ينصرف إلى اليمين المكفرة على الأظهر عندي، وهو قول أكثر أهل العلم.
وقال مالك في (الموطأ): فقال القاسم بن محمد: إن رجلا جعل امرأة عليه كظهر أمه إن هو تزوجها، فأمره عمر بن الخطاب إن هو تزوجها ألا يقربها حتى يكفر كفارة المتظاهر، اه.
ثم قال: وحدثني عن مالك: أنه بلغه أن رجلا سأل القاسم بن محمد وسليمان بن يسار، عن رجل تظاهر من امرأة قبل أن ينكحها، فقالا: إن نكحها فلا يمسها حتى يكفر كفارة المتظاهر، اه.
والمعروف عن جاهير أهل العلم: أن الطلاق المعلق يقع بوقوع المعلق عليه، وكذلك الظهار.
وأما الأمة فالأظهر أن في تحرمها كفارة اليمين أو الاستغفار، كما دلت عليه آية سورة (التحريم) كما تقدم إيضاحه، والعلم عند الله تعالى.
المسألة الثانية عشرة: اعلم أن العلماء اختلفوا في العبد والذمي، هل يصح منهما ظهار؟ وأظهر أقوالهم عندي في ذلك: أن العبد يصح منه الظهار؛ لأن الصحيح دخوله في عموم النصوص العامة، إلا ما أخرجه منه دليل خاص، كما تقدم. وإليه الإشارة بقول صاحب (مراقي السعود)
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»