أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ١٩٦
في الحقيقة العرفية، إلى الاستمتاع بالوطء أو مقدماته؛ لأن العرف ليس فيه استمتاع بالذكور، فلا يكون فيه ظهار. وأما على تقديم الحقيقة اللغوية، فمطلق تشبيه الزوجة بمحرم ولو ذكرا يقتضي التحريم، فيكون بمقتضى اللغة له حكم الظهار، والظاهر أن قوله: أنت علي كالميتة والدم، وكظهر البهيمة، ونحو ذلك؛ كقوله: أنت علي كظهر أبي، فيجري على حكمه، والعلم عند الله تعالى.
المسألة الرابعة: اعلم أن قول الرجل لامرأته: أنت علي حرام، أو إن دخلت الدار فأنت حرام، ثم دخلتها فيها للعلماء نحو عشرين قولا، كما هو معروف في محله.
وقد دلت آية الظهار هذه على أن أقيس الأقوال، وأقربها لظاهر القرءان قول من قال: إن تحريم الزوجة ظهار، تلزم فيه كفارة الظهار، وليس بطلاق.
وإيضاح ذلك: أن قوله: أنت علي كظهر أمي، معناه: أنت علي حرام، وقد صرح تعالى بلزوم الكفارة في قوله: أنت علي كظهر أمي، ولا يخفى أن: أنت علي حرام، مثلها في المعنى، كما ترى.
وقال في (المغني): وذكر إبراهيم الحربي عن عثمان، وابن عباس، وأبي قلابة، وسعيد بن جبير، وميمون بن مهران، والبتي، أنهم قالوا: التحريم ظهار، اه.
وأقرب الأقوال بعد هذا لظاهر القرءان القول بكفارة اليمين، والاستغفار لقوله: * (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) *، وقوله: * (والله غفور رحيم) *، بعد قوله: * (لم تحرم) *.
المسألة الخامسة: الأظهر أن قوله: أنت عندي أو مني أو معي كظهر أمي، لا فرق بينه وبين قوله: أنت علي كظهر أمي، فهو ظهار كما قاله غير واحد، وهو واضح كما ترى.
المسألة السادسة: أظهر أقوال العلم عندي فيمن قال لامرأته: أنت علي كأمي أو مثل أمي، ولم يذكر الظهر أنه لا يكون ظهارا إلا أن ينوي به الظهار؛ لاحتمال اللفظ معاني أخرى غير الظهار، مع كون الاستعمال فيها مشهورا، فإن قال: نويت به الظهار، فهو ظهار في قول عامة العلماء، قاله في (المغني). وإن نوى به أنها مثلها في الكرامة عليه والتوقير، أو أنها مثلها في الكبر أو الصفة فليس بظهار، والقول قوله في نيته، قاله في (المغني).
وأما إن لم ينو شيئا، فقد قال في (المغني): وإن أطلق، فقال أبو بكر: هو صريح في
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»