فالجواب: أن المعنى * (لما قالوا) *: أنه حرام عليهم، وهو الجماع، ويدل لذلك وجود نظيره في القرءان، في قوله تعالى: * (ونرثه ما يقول) *، أي: ما يقول إنه يؤتاه من مال وولد في قوله: * (لاوتين مالا وولدا) *، وما ذكرنا من أن من جامع قبل التكفير، يلزمه الكف عن المسيس مرة أخرى، حتى يكفر، هو التحقيق خلافا لمن قال: تسقط الكفارة بالجماع قبل المسيس؛ كما روي عن الزهري، وسعيد بن جبير، وأبي يوسف. ولمن قال: تلزم به كفارتان؛ كما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وذكره بعضهم عن عمرو بن العاص، وعبد الرحمان بن مهدي. ولمن قال: تلزمه ثلاث كفارات؛ كما رواه سعيد بن منصور، عن الحسن، وإبراهيم، والعلم عند الله تعالى. انتهى بطوله من (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب).
المسألة الثالثة: أظهر قولي أهل العلم عندي أنه لو قال لها: أنت علي كظهر ابنتي، أو أختي، أو جدتي، أو عمتي، أو أمي من الرضاع، أو أختي من الرضاع، أو شبهها بعضو آخر غير الظهر، كأن يقول: أنت علي كرأس ابنتي أو أختي الخ، أو بطن من ذكر، أو فرجها، أو فخذها أن ذلك كله ظهار، إذ لا فرق في المعنى بينه وبين: أنت علي كظهر أمي؛ لأنه في جميع ذلك شبه امرأته بما هي في تأبيد الحرمة كأمه، فمعنى الظهار محقق الحصول في ذلك.
قال ابن قدامة في (المغني): وهذا قول أكثر أهل العلم، منهم: الحسن، وعطاء، وجابر بن زيد، والشعبي، والنخعي، والزهري، والثوري، والأوزاعي، ومالك، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وهو جديد قولي الشافعي. وقال في القديم: لا يكون الظهار إلا بأم أو جدة، لأنها أم أيضا؛ لأن اللفظ الذي ورد به القرءان مختص بالأم، فإذا عدل عنه لم يتعلق به ما أوجبه الله تعالى فيه، ولنا أنهن محرمات بالقرابة، فأشبهن الأم. فأما الآية فقد قال فيها: * (وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا) *، وهذا موجود في مسألتنا، فجرى مجراه، وتعليق الحكم بالأم لا يمنع ثبوت الحكم في غيرها، إذا كانت مثلها.
الضرب الثالث: أن يشبهها بظهر من تحرم عليه على التأبيد سوى الأقارب، كالإمهات المرضعات والأخوات من الرضاعة، وحلائل الآباء، والأبناء، وأمهات النساء، والربائب اللاتي دخل بأمهن فهو ظهار أيضا، والخلاف فيها كالتي قبلها، ووجه المذهبين