ومنها أن الظهار لفظ يتعلق به تحريم الزوجة، فلا تدخل فيه الأمة قياسا على الطلاق.
ومنها أن الظهار كان طلاقا في الجاهلية، فنقل حكمه وبقي محله، ومحل الطلاق الأزواج دون الإماء.
ومنها أن تحريم الأمة تحريم لمباح من ماله، فكانت فيه كفارة يمين كتحريم سائر ماله عند من يقول: بأن تحريم المال فيه كفارة يمين، كما تقدم في سورة (الحج).
قالوا: ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم جاريته مارية، فلم يلزمه ظهار بل كفارة يمين؛ كما قال تعالى في تحريمه إياها: * (ياأيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك) *، ثم قال: * (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) *.
واحتج القائلون بصحة الظهار من الأمة، بدخولها في عموم قوله تعالى: * (والذين يظاهرون من نسائهم) *، قالوا: وإماؤهم من نسائهم؛ لأن تمتعهم بإمائهم من تمتعهم بنسائهم، قالوا: ولأن الأمة يباح وطؤها، كالزوجة فصح الظهار منها كالزوجة، قالوا: وقوله تعالى: * (ياأيها النبى لم تحرم) *، نزلت في تحريمه صلى الله عليه وسلم شرب العسل في القصة المشهورة، لا في تحريم الجارية. وحجة الحسن والأوزاعي، وحجة عطاء كلتاهما واضحة، كما تقدم.
وقال ابن العربي المالكي في قول مالك وأصحابه: بصحة الظهار من الأمة، وهي مسألة عسيرة علينا؛ لأن مالكا يقول: إذا قال لأمته أنت علي حرام لا يلزم، فكيف يبطل فيها صريح التحريم وتصح كنايته؟ ولكن تدخل الأمة في عموم قوله: * (من نسائهم) *؛ لأنه أراد من محللاتهم.
والمعنى فيه: أنه لفظ يتعلق بالبضع دون رفع العقد، فصح في الأمة أصله الحلف بالله تعالى، اه منه، بواسطة نقل القرطبي.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: لا يبعد بمقتضى الصناعة الأصولية، والمقرر في علوم القرءان: أن يكون هناك فرق بين تحريم الأمة وتحريم الزوجة.
وإيضاح ذلك: أن قوله تعالى: * (لم تحرم ما أحل الله لك) *، جاء في بعض الروايات الصحيحة في السنن وغيرها، أنه نزل في تحريم النبي صلى الله عليه وسلم جاريته مارية أم إبراهيم، وإن كان جاء في الروايات الثابتة في الصحيحين: أنه نزل في تحريمه العسل الذي كان شربه عند بعض نسائه، وقصة ذلك مشهورة صحيحة؛ لأن المقرر في علوم القرءان أنه إذا ثبت نزول الآية في شئ معين، ثم ثبت بسند آخر صحيح أنها نزلت في شئ آخر معين غير