القولين قال به بعض أهل العلم، واحتج من قال: إن الإرسال إليه إذن يكفي عن الاستئذان عند إتيان المنزل بما رواه أبو داود في سننه: حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد عن حبيب، وهشام عن محمد عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رسول الرجل إلى الرجل إذنه). حدثنا حسين بن معاذ، ثنا عبد الأعلى، ثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دعي أحدكم إلى طعام فجاء مع الرسول فإن ذلك له إذن)، قال أبو علي اللؤلؤي: سمعت أبا داود يقول: قتادة لم يسمع من أبي رافع شيئا، اه من أبي داود.
قال ابن حجر في (فتح الباري): وقد ثبت سماعه منه في الحديث الذي سيأتي في البخاري في كتاب التوحيد من رواية سليمان التيمي، عن قتادة: أن أبا رافع حدثه، اه.
ويدل لصحة ما رواه أبو داود ورواه البخاري تعليقا: باب إذا دعي الرجل فجاء هل يستأذن؟ وقال سعيد عن قتادة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (هو إذنه) اه. ومعلوم أن البخاري لا يعلق بصيغة الجزم، إلا ما هو صحيح عنده، كما قدمناه مرارا. وقال ابن حجر في (الفتح): في حديث كون (رسول الرجل إلى الرجل إذنه)، وله متابع أخرجه البخاري في الأدب المفرد من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة، بلفظ: (رسول الرجل إلى الرجل إذنه)، وأخرج له شاهدا موقوفا على ابن مسعود، قال: (إذا دعي الرجل فهو إذنه)، وأخرجه ابن أبي شيبة مرفوعا، انتهى محل الغرض منه.
فهذه جملة أدلة من قالوا: بأن من دعي لا يستأذن إذا قدم.
وأما الذين قالوا: يستأذن إذا قدم إلى منزل المرسل، ولا يكتفي بإرسال الرسول، فقد احتجوا بما رواه البخاري في (صحيحه): حدثنا أبو نعيم، حدثنا عمر بن ذر، وحدثني محمد بن مقاتل، أخبرنا عبد الله، أخبرنا عمر بن ذر، أخبرنا مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد لبنا في قدح، فقال: (أبا هر ألحق أهل الصفة فادعهم إلي)، قال: فأتيتهم فدعوتهم، فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم فدخلوا، اه منه. قال: هذا الحديث الصحيح صريح في أنه صلى الله عليه وسلم أرسل أبا هر لأهل الصفة، ولم يكتفوا بالإرسال عن الاستئذان ولو كان يكفي عنه لبينه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا يؤخر البيان عن وقت الحاجة.
ومن أدلة أهل هذا القول ظاهر عموم قوله تعالى: * (لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى