مجالد بن سعيد بن عمير بن بسطام بن ذي مران بن شرحبيل الهمداني أبو عمرو، ويقال أبو سعيد الكوفي، وأكثر أهل العلم على ضعفه، وعدم الاحتجاج به، والإمام مسلم بن الحجاج، إنما أخرج حديثه مقرونا بغيره، فلا عبرة بقول يعقوب بن سفيان، إنه صدوق، ولا بتوثيق النسائي له مرة، لأنه ضعفه مرة أخرى، ولا بقول ابن عدي أن له عن الشعبي، عن جابر أحاديث صالحة؛ لأن أكثر أهل العلم بالرجال على تضعيفه، وعدم الاجتجاج به. أما غير مجالد من رجال سند أبي داود فهم ثقات معروفون؛ لأن يحيى بن موسى البلخي ثقة، وأبو أسامة المذكور فيه هو حماد بن أسامة القرشي مولاهم، وهو ثقة ثبت، ربما دلس وكان بأخرة يحدث من كتب غيره، وعامر الذي روى عن مجالد هو الإمام الشعبي، وجلالته معروفة.
والحاصل: أن مثل هذا السند الذي فيه مجالد المذكور، لا يجب الرجوع إليه عن عموم النصوص الصحيحة المقتضية، أن الكفار لا تقبل شهادتهم مطلقا، والله تعالى أعلم.
الفرع الرابع: اعلم أن أهل العلم قد اختلفوا في اشتراط اتحاد المجلس لشهادة شهود الزنا، وعلى اشتراط ذلك لو شهدوا في مجلسين أو مجالس متفرقة، بطلت شهادتهم، وحدوا حد القذف. وعلى عدم اشتراط اتحاد المجلس تصح شهادتهم ولو جاءوا متفرقين، وأدوا شهادتهم في مجالس متعددة، وممن قال باشتراط اتحاد المجلس: مالك وأصحابه، وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد وأصحابه. وممن قال بعدم اشتراط اتحاد المجلس: الشافعي، وعثمان البتي، وابن المنذر.
قال في المغني: وإنما قالوا بعدم اشتراط ذلك لقوله تعالى: * (لولا جاءو عليه بأربعة شهداء) *، ولم يذكر المجلس. وقال تعالى: * (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن فى البيوت) *، ولأن كل شهادة مقبولة، إن اتفقت تقبل إذا افترقت في مجالس كسائر الشهادات، ولنا أن أبا بكرة، ونافعا، وشبل بن معبد شهدوا عند عمر رضي الله عنه على المغيرة بن شعبة بالزنى ولم يشهد زياد فحد الثلاثة، ولو كان المجلس غير مشترط لم يجز أن يحدهم؛ لجواز أن يكملوا برابع في مجلس آخر، ولأنه لو شهد ثلاثة فحدهم، ثم جاء رابع فشهد لم تقبل شهادته، ولولا اشتراط اتحاد المجلس لكملت شهادتهم، وبهذا فارق سائر الشهادات.