أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٣٦٦
((سورة النور)) * (سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيهآ ءايات بينات لعلكم تذكرون * الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الا خر وليشهد عذابهما طآئفة من المؤمنين * الزانى لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحهآ إلا زان أو مشرك وحرم ذالك على المؤمنين * والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهدآء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولائك هم الفاسقون * إلا الذين تابوا من بعد ذالك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم * والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهدآء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين * والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين) * * (الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) * ظاهر هذه الآية الكريمة أن كل زانية وكل زان يجب جلد كل واحد منهما مائة جلدة؛ لأن الألف واللام في قوله: * (الزانية والزانى) *، إن قلنا: إنهما موصول وصلتهما الوصف الذي هو اسم الفاعل الذي هو * (الزانية والزانى) *، فالموصولات من صيغ العموم.
وإن قلنا: إنهما للتعريف لتناسي الوصفية، وأن مرتكب تلك الفاحشة يطلق عليه اسم الزاني، كإطلاق أسماء الأجناس، فإن ذلك يفيد الاستغراق، فالعموم الشامل لكل زانية وكل زان، هو ظاهر الآية، على جميع الاحتمالات.
وظاهر هذا العموم شموله للعبد، والحر، والأمة، والحرة، والبكر، والمحصن من الرجال وا لنساء.
وظاهره أيضا: أنه لا تغرب الزانية، ولا الزاني عاما مع الجلد، ولكن بعض الآيات القرآنية دل على أن عموم الزانية يخصص مرتين.
إحداهما: تخصيص حكم جلدها مائة بكونها حرة، أما إن كانت أمة، فإنها تجلد نصف المائة وهو خمسون، وذلك في قوله تعالى في الإماء: * (فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) *، والمراد بالمحصنات هنا: الحرائر والعذاب الجلد، وهو بالنسبة إلى الحرة الزانية: مائة جلدة والأمة عليها نصفه بنص آية (النساء) هذه، وهو خمسون؛ فآية * (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) *، مخصصة لعموم قوله: * (الزانية والزانى) *، بالنسبة إلى الزانية الأنثى.
وأما التخصيص المرة الثانية لعموم الزانية في آية (النور) هذه فهو بآية منسوخة التلاوة، باقية الحكم، تقتضي أن عموم الزانية هنا مخصص بكونها بكرا.
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»