قوله تعالى: * (قل رب إما ترينى ما يوعدون * رب فلا تجعلنى فى القوم الظالمين) *. أمر جلا وعلا نبيه في هاتين الآيتين الكريمتين أن يقول: رب إما تريني ما يوعدون: أي أن ترني ما توعدهم من العذاب، بأن تنزله بهم، وأنا حاضر شاهد أرى نزوله بهم * (فلا تجعلنى فى القوم الظالمين) * أي لا تجعلني في جملة المعذبين الظالمين، بل أخرجني منهم، ونجني من عذابهم، وقد بين تعالى في مواضع أخر: أنه لا ينزل بهم العذاب، وهو فيهم وذلك في قوله تعالى: * (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) *، وبين هنا أنه قادر على أنه يره العذاب، الذي وعدهم به في قوله: * (وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون) * وبين في سورة الزخرف، أنه إن ذهب به قبل تعذيبهم، فإنه معذب لهم ومنتقم منهم لا محالة، وأنه إن عذبهم، وهو حاضر فهو مقتدر عليهم. وذلك في قوله تعالى: * (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون * أو نرينك الذى وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون) *.
قوله تعالى: * (ادفع بالتى هى أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون * وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين * وأعوذ بك رب أن يحضرون) *. هذا الذي تضمنته هذه الآيات الثلاث مما ينبغي أن يعامل به شياطين الإنس وشياطين الجن. قد قدمنا الآيات الدالة عليه بإيضاح عليه بإيضاح في آخر سورة الأعراف، في الكلام على قوله تعالى: * (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وإما ينزغنك من الشيطان نزغ) *. وقوله في هذه الآية: * (بالتى هى أحسن) * أي بالخصلة التي هي أحسن الخصال، والسيئة مفعول ادفع ووزن السيئة، فيعلة أصلها: سيوئة وحروفها الأصلية السين والواو والهمزة، وقد زيدت الياء الساكنة بين الفاء والعين، فوجب إبدال الواو التي هي عين الكلمة ياء وإدغام ياء الفيعلة الزائدة فيها على القاعدة التصريفية المشارك بقول ابن مالك في الخلاصة: بالتى هى أحسن) * أي بالخصلة التي هي أحسن الخصال، والسيئة مفعول ادفع ووزن السيئة، فيعلة أصلها: سيوئة وحروفها الأصلية السين والواو والهمزة، وقد زيدت الياء الساكنة بين الفاء والعين، فوجب إبدال الواو التي هي عين الكلمة ياء وإدغام ياء الفيعلة الزائدة فيها على القاعدة التصريفية المشارك بقول ابن مالك في الخلاصة:
* إن يسكن السابق من واو ويا * واتصلا ومن عروض عريا * * فياء الواو اقلبن مدغما * وشذ معطى غير ما قد رسما * كما قدمناه مرارا. والسيئة في اللغة: الخصلة من خصال السوء. وقوله تعالى: * (نحن أعلم بما يصفون) * أي بما تصفه ألسنتهم من الكذب في تكذيبهم لك، وادعائهم