بعد جمل متعاطفة، أو مفردات متعاطفة، أن الاستثناء المذكور يرجع لجميعها خلافا لأبي حنيفة القائل يرجع إلى الجملة الأخيرة فقط، قال في مراقي السعود: أو ما ملكت أيمانهم) * ولكن داود يحتج بآية أخرى يعسر التخلص من الاحتجاج بها، بحسب المقرر في أصول الفقه المالكي والشافعي والحنبلي، وإيضاح ذلك أن المقرر في أصول الأئمة الثلاثة المذكورين أنه إن ورد استثناء بعد جمل متعاطفة، أو مفردات متعاطفة، أن الاستثناء المذكور يرجع لجميعها خلافا لأبي حنيفة القائل يرجع إلى الجملة الأخيرة فقط، قال في مراقي السعود:
* وكل ما يكون فيه العطف * من قبل الاستثنا فكلا يقفو * * دون دليل العقل أو ذي السمع.
* الخ * وإذا علمت أن المقرر في أصول الأئمة الثلاثة المذكورين رجوع الاستثناء لكل المتعاطفات، وأنه لو قال الواقف في صيغة وقفه: هو وقف على بني تميم وبني زهرة والفقراء إلا الفاسق منهم، أنه يخرج من الوقف فاسق الجميع لرجوع الاستثناء إلى الجميع، وأن أبا حنيفة وحده هو القائل برجوعه إلى الجملة الأخيرة فقط. ولذلك لم يقبل شهادة القاذف، ولو تاب وأصلح، وصار أعدل أهل زمانه لأن قوله تعالى * (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولائك هم الفاسقون إلا الذين تابوا) * يرجع عنده الاستثناء فيه للأخيرة فقط وهي * (وأولائك هم الفاسقون إلا الذين تابوا) * أي فقد زال عنهم اسم الفسق، ولا يقبل رجوعه لقوله تعالى * (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا) * إلا الذين تابوا، فاقبلوا شهادتهم بل يقول: لا تقبلوا لهم شهادة أبدا مطلقا بلا استثناء لاختصاص الاستثناء عنده بالجملة الأخيرة، ولم يخالف أبو حنيفة أصوله في قوله * (والذين لا يدعون مع الله إلاها ءاخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق ولا يزنون) * لي قوله * (إلا من تاب وءامن وعمل عملا صالحا) *. فإن هذا الاستثناء راجع لجميع الجمل المتعاطفة قبله عند أبي حنيفة، وغيره.
ولكن أبا حنيفة لم يخالف فيه أصله لأن الجمل الثلاث المذكورة جمعت في الجملة الأخيرة، التي هي * (ومن يفعل ذالك يلق أثاما) * لأن الإشارة في قوله: ذلك راجعة إلى الشرك، والقتل والزنى في الجمل المتعاطفة قبله فشملت الجملة الأخيرة معاني الجمل قبلها، فصار رجوع الاستثناء لها وحدها، عند أبي حنيفة، على أصله المقرر: مستلزما لرجوعه للجميع.
وإذا حققت ذلك فاعلم أن داود يحتج لجواز جمع الأختين بملك اليمين أيضا،