الشرك كما قال بعضهم، والمعاصي كما قاله آخرون، وما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال ا ه منه.
وما أثنى الله به على المؤمنين المفلحين في هذه الآية. أشار له في غير هذا الموضع كقوله * (وإذا مروا باللغو مروا كراما) * ومن مرورهم به كراما إعراضهم عنه، وعدم مشاركتهم أصابه فيه وقوله تعالى * (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) *.
قوله تعالى: * (والذين هم للزكواة فاعلون) *. في المراد بالزكاة هنا وجهان من التفسير معروفان عند أهل العلم.
أحدهما: أن المراد بها زكاة الأموال، وعزاه ابن كثير للأكثرين.
الثاني: أن المراد بالزكاة هنا: زكاة النفس أي تطهيرها من الشرك، والمعاصي بالإيمان بالله، وطاعته وطاعة رسله عليهم الصلاة والسلام، وعلى هذا فالمراد بالزكاة كالمراد بها في قوله * (قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها) * وقوله * (قد أفلح من تزكى) *. وقوله * (ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا) * وقوله * (خيرا منه زكواة) * وقوله * (وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكواة) * على أحد التفسيرين. وقد يستدل لهذا القول الأخير بثلاث قرائن:
الأولى: أن هذه السورة مكية، بلا خلاف، والزكاة إنما فرضت بالمدينة كما هو معلوم. فدل على أن قوله * (والذين هم للزكواة فاعلون) * نزل قبل فرض زكاة الأموال المعروفة، فدل على أن المراد به غيرها.
القرينة الثانية: هي أن المعروف في زكاة الأموال: أن يعبر عن أدائها بالإيتاء كقوله تعالى * (وآتوا الزكواة) * وقوله * (وإيتآء الزكواة) * ونحو ذلك. وهذه الزكاة المذكورة هنا، لم يعبر عنها بالإيتاء، بل قال تعالى فيها * (والذين هم للزكواة فاعلون) * فدل على أن هذه الزكاة: أفعال المؤمنين المفلحين، وذلك أولى بفعل الطاعات، وترك المعاصي من أداء مال.
الثالثة: أن زكاة الأموال تكون في القرآن عادة مقرونة بالصلاة، من غير فصل