أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٢٧٥
وكقوله فيهم: * (وإنها لبسبيل مقيم) *، وكقوله في قوم لوط وقوم شعيب: * (أصحاب الا يكة لظالمين وإنهما لبإمام مبين) * لأن معنى الآيتين: أن ديارهم على ظهر الطريق الذي يمرون فيه المعبر عنه بالسبيل والإمام، والآيات بمثل هذا كثيرة. وقد قدمنا منها جملا كافية في سورة المائدة وغيرها.
والآية تدل على أن محل العقل: في القلب، ومحل السمع: في الأذن، فما يزعمه الفلاسفة من أن محل العقل الدماغ باطل، كما أوضحناه في غير هذا الموضع، وكذلك قول من زعم أن العقل لا مركز له أصلا في الإنسان، لأنه زماني فقط لإمكاني فهو في غاية السقوط والبطلان كما ترى.
قوله تعالى: * (فإنها لا تعمى الا بصار ولاكن تعمى القلوب التى فى الصدور) *. قد قدمنا الآيات الموضحة لمعنى هذه الآية في سورة بني إسرائيل، في الكلام على قوله تعالى: * (ومن كان فى هاذه أعمى فهو فى الا خرة أعمى) *. مع بعض الشواهد العربية، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.
قوله تعالى: * (ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الكفار يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم تعجيل العذاب الذي يعدهم به طغيانا وعنادا.
والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة في القرآن كقوله تعالى: * (وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب) * وقوله: * (يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) * وقوله: * (ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجآءهم العذاب) *.
وقد أوضحنا الآيات الدالة على هذا المعنى في مواضع متعددة، من هذا الكتاب المبارك في سورة الأنعام في الكلام على قوله: * (ما عندى ما تستعجلون به) * وفي يونس في الكلام على قوله: * (أثم إذا ما وقع ءامنتم به) * إلى غير ذلك من المواضع.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (ولن يخلف الله وعده) * الظاهر أن المراد بالوعد هنا: هو ما أوعدهم به من العذاب الذي يستعجلون نزوله.
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»