أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٢٥٧
يشرك بالله، إنما هو في حق من مات على ذلك الإشراك، ولم يتب منه قبل حضور الموت. أما من تاب من شركه قبل حضور الموت، فإن الله يغفر له، لأن الإسلام يجب ما قبله.
والآيات الدالة على ذلك متعددة كقوله: * (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) * وقوله: * (والذين لا يدعون مع الله إلاها ءاخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق) * إلى قوله: * (إلا من تاب وءامن وعمل عملا صالحا فأولائك يبدل الله سيئاتهم حسنات) * وقوله في الذين: * (قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إلاه إلا إلاه واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم) * وقوله: * (وإنى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا) *. إلى غير ذلك من الآيات. وأما إن كانت توبته من شركه عند حضور الموت، فإنها لا تنفعه.
وقد دلت على ذلك آيات من كتاب الله كقوله تعالى: * (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إنى تبت الا ن ولا الذين يموتون وهم كفار) * فقد دلت الآية على التسوية بين الموت على الكفر والتوبة منه، عند حضور الموت وكقوله تعالى: * (فلما رأوا بأسنا قالوا ءامنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا) * وكقوله في فرعون: * (حتى إذآ أدركه الغرق قال ءامنت أنه لا إلاه إلا الذىءامنت به بنوا إسراءيل وأنا من المسلمين ءاأن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) * وقرأ هذا الحرف نافع فتخطفه بفتح الخاء وتشديد الطاء أصله فتتخطفه الطير بتاءين فحذفت إحداهما وقرأه غيره من السبعة فتخطفه الطير بإسكان الخاء وتخفيف الطاء مضارع خطفه بالكسر.
* (ذالك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب * لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلهآ إلى البيت العتيق * ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الا نعام فإلاهكم إلاه واحد فله أسلموا وبشر المخبتين * الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على مآ أصابهم والمقيمى الصلواة ومما رزقناهم ينفقون * والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صوآف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذالك سخرناها لكم لعلكم تشكرون * لن ينال الله لحومها ولا دمآؤها ولاكن يناله التقوى منكم كذالك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين * إن الله يدافع عن الذين ءامنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور * أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير * الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز * الذين إن مكناهم فى الا رض أقاموا الصلواة وآتوا الزكواة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الا مور) * قوله تعالى: * (ذالك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) *. قد ذكرنا قريبا أنا ذكرنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك: أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يذكر لفظ عام، ثم يصرح في بعض المواضع بدخول بعض أفراد ذلك العام فيه، فيكون ذلك الفرد قطعي الدخول لا يمكن إخراجه بمخصص، وواعدنا بذكر بعض أمثلته في هذه الآيات. ومرادنا بذلك هذه الآية الكريمة لأن قوله تعالى: * (ذالك ومن يعظم شعائر الله) * عام في جميع شعائر الله، وقد نص تعالى على أن البدن فرد من
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»