فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت) اه وقد جمع تعالى هنا بين قول الزور والإشراك به تعالى في قوله: * (واجتنبوا قول الزور حنفآء لله غير مشركين به) * وكما أنه جمع بينهما هنا، فقد جمع بينهما أيضا في غير هذا الموضع كقوله: * (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) * لأن قوله: * (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) * هو قول الزور. وقد أتى مقرونا بقوله: * (وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا) * وذلك يدل على عظمة قول الزور، لأن الإشراك بالله قد يدخل في قول الزور، كادعائهم الشركاء، والأولاد لله. وكتكذيبه صلى الله عليه وسلم فكل ذلك الزور فيه أعظم الكفر والإشراك بالله. نعوذ بالله من كل سوء.
ومعنى حنفاء: قد قدمناه مرارا مع بعض الشواهد العربية، فأغنى عن إعادته هنا.
قوله تعالى: * (ومن يشرك بالله فكأنما خر من السمآء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح فى مكان سحيق) *. بين تعالى في هذه الآية الكريمة: أن من أشرك بالله غيره أي ومات ولم يتب من ذلك فقد وقع في هلاك، لا خلاص منه بوجه ولا نجاة معه بحال، لأنه شبهه بالذي خر: أي سقط من السماء إلى الأرض، فتمزقت أوصاله، وصارت الطير تتخطفها وتهوي بها الريح فتلقيها في مكان سحيق: أي محل بعيد لشدة هبوبها بأوصاله المتمزقة، ومن كانت هذه صفته فإنه لا يرجى له خلاص ولا يطمع له في نجاة، فهو هالك لا محالة، لأن من خر من السماء إلى الأرض لا يصل الأرض عادة إلا متمزق الأوصال، فإذا خطفت الطير أوصاله وتفرق في حواصلها، أو ألقته الريح في مكان بعيد فهذا هلاك محقق لا محيد عنه. وما تضمنته هذه الآية الكريمة من هلاك من أشرك بالله وأنه لا يرجى له خلاص، جاء موضحا في مواضع أخر كقوله: * (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار) *. وكقوله: * (قالوا إن الله حرمهما على الكافرين) * وقوله: * (إن الله لا يغفر أن يشرك به) * في الموضعين من سورة النساء، والخطف الأخذ بسرعة والسحيق البعيد. ومنه قوله تعالى: * (فسحقا لاصحاب السعير) * أي بعدا لهم.
وقد دلت آيات أخر على أن محل هذا الهلاك الذي لا خلاص منه بحال الواقع بمن