وإناثها أفضل من فحول المعز وفحول الضأن خير من إناث المعز، وإناث المعز خير من الإبل، والبقر. وقال بعض أصحاب مالك: الإبل أفضل من البقر.
فإذا عرفت أقوال أهل العلم في أفضل ما يضحى به من بهيمة الأنعام فاعلم أن الجمهور الذين قالوا البدنة أفضل، ثم البقرة، ثم الشاة احتجوا بأدلة:
منها: أن البدنة أعظم من البقرة، والبقرة أعظم من الشاة. والله تعالى يقول: * (ذالك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) *.
ومنها: ما قدمنا ثابتا في الصحيح: أن البقرة والبدنة كلتاهما تجزىء عن سبعة في الهدي، فكل واحدة منهما تعدل سبع شياه. وكونها تعدل سبع شياه، دليل واضح على أنها أفضل من شاة واحدة.
ومنها: ما رواه الشيخان والإمام أحمد وأصحاب السنن، غير ابن ماجة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يسمعون الذكر) اه. قالوا: ففي هذا الحديث الصحيح الدلالة الواضحة، على أن البدنة أفضل، ثم البقرة، ثم الكبش الأقرن، ووجهه ظاهر. واحتج مالك، وأصحابه: على أن التضحية بالغنم: أفضل لأنه صلى الله عليه وسلم كان يضحي بالغنم لا بالإبل ولا بالبقر. وقد قدمنا الأحاديث بتضحيته بكبشين أقرنين أملحين، وتضحيته بكبش أقرن يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد، وكلها ثابتة في الصحيح كما قدمنا أسانيدها ومتونها. قالوا: وهو صلى الله عليه وسلم لا يضحي مكررا ذلك عاما بعد عام، إلا بما هو الأفضل في الأضحية. فلو كانت التضحية: بالإبل، والبقر أفضل لفعل صلى الله عليه وسلم ذلك الأفضل.
قالوا فإن قيل: أهدى في حجته الإبل، ولم يهد الغنم.
فالجواب: أنه أهدى الغنم أيضا فبعث بها إلى البيت، ولو سلمنا أن الإبل أفضل في الهدي، فلا نسلم أنها أفضل في الأضحية، والمالكية لا ينكرون أفضلية الإبل في الهدي، وإنما يقولون: إن الغنم أفضل في الأضحية، ولكل من الغنم والإبل فضل من جهة، فالإبل أفضل من حيث كثرة لحمها، والغنم أفضل، من حيث إن لحمها أطيب، وألذ. وعند