النصوص الصحيحة الصريحة في الرؤية في الآخرة، ولا ينافي ذلك أن تفيد لن: التأبيد في موضع لم يعارضها فيه نص.
وبالجملة فقد اختلف أهل العربية في إفادة لن تأبيد النفي حيث لم يصرف عنه صارف، وعدم إفادتها لذلك، فعلى القول: بأنها تفيد التأبيد فقوله صلى الله عليه وسلم لأبي بردة: (ولن تجزىء عن أحد بعدك) يدل على تأبيد نفي الإجزاء، كما ذكرنا وعلى عدم اقتضائها التأبيد، فلا تقل عن الظهور فيه، حتى يصرف عنه صارف، وبذلك كله تعلم: أن الجمع بين حديث أبي بردة، وحديث عقبة بن عامر، كالمتعذر فيجب الترجيح، وحديث أبي بردة: أرجح. والعلم عند الله تعالى.
وهذا الذي ذكرنا في هذا الفرع هو حاصل كلام أهل العلم في السن التي تجزىء في الضحايا.
الفرع الرابع: اعلم: أنه لا يجوز في الأضحية إلا بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والضأن والمعز بأنواعها، لقوله تعالى: * (ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الا نعام) * فلا تشرع التضحية بالظباء ولا ببقرة الوحش وحمار الوحش مثلا. وقال النووي في شرح المهذب: ولا تجزىء بالمتولد من الظباء والغنم، لأنه ليس من بهيمة الأنعام. اه.
والظاهر أنه كذلك كما عليه جماهير أهل العلم، فما روي عن الحسن بن صالح من أن بقرة الوحش تجزىء عن سبعة، والظبي عن واحد، خلاف التحقيق. وعن أصحاب الرأي: أن ولد البقرة الإنسية يجزئ، وإن كان أبوه وحشيا وعن أبي ثور: يجزئ إن كان منسوبا إلى بهيمة الأنعام. والأظهر: أن المتولد من بين ما يجزئ، وما لا يجزئ، لا يجزئ بناء على قاعدة تقديم الحاظر على المبيح. ومعلوم أنها خالف فيها بعض أهل الأصول، وعلى كل حال، فالأحوط أن لا يضحي إلا ببهيمة الأنعام. لظاهر الآية الكريمة.
الفرع الخامس: اعلم: أن أكثر أهل العلم على أن أفضل أنواع الأضحية: البدنة، ثم البقرة، ثم الشاة، والضأن، أفضل من المعز. وسيأتي الكلام على حكم الاشتراك في الأضحية ببدنة، أو بقرة إن شاء الله. وكون الأفضل: البدنة، ثم البقرة، ثم شاة الضأن، ثم شاة المعز. قال النووي في شرح المهذب: هو مذهبنا ومذهب أبي حنيفة، وأحمد، وداود. وقال مالك: أفضلها الغنم ثم البقر، ثم الإبل. قال: والضأن أفضل من المعز