أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٢١٨
المالكية: فلا مانع من أن يراعي كل واحد من الوصفين في نوع من أنواع النسك، ودليل الجمهور ظاهر. لكن دليل المالكية أخص في محل النزاع، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يضح إلا بالغنم والخير كله في اتباعه في أقواله، وأفعاله، وما جاء عنه من تفضيل البدنة، ثم البقرة، ثم الكبش الأقرن، لم يأت في خصوص الأضحية. ولكن فعله صلى الله عليه وسلم في خصوص الأضحية والله تعالى يقول: * (لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة) *.
والحاصل: أن لكل من القولين وجها من النظر. والله تعالى أعلم بالصواب.
واعلم: أن الجمهور أجابوا عن دليل مالك بأن تضحيته صلى الله عليه وسلم بالغنم، لبيان الجواز، أو لأنه لم يتيسر له في ذلك الوقت بدنة ولا بقرة، وإنما تيسرت له الغنم هكذا قالوا. وظاهر الأحاديث تكرر تضحيته صلى الله عليه وسلم بالغنم، وقد يدل ذلك على قصده الغنم دون غيرها، لأنه لو لم يتيسر له إلا الغنم سنة، فقد يتيسر له غيرها في سنة أخرى. والله تعالى أعلم.
فإن قيل: روى البيهقي عن ابن عمر كان صلى الله عليه وسلم يضحي بالجزور أحيانا وبالكبش إذا لم يجد الجزور.
فالجواب: أن الزرقاني في شرح الموطأ قال ما نصه: وحديث البيهقي عن ابن عمر كان صلى الله عليه وسلم يضحي بالجزور أحيانا، وبالكبش إذا لم يجد الجزور. ضعيف. في سنده عبد الله بن نافع، وفيه مقال. اه منه. وقد روى البيهقي في السنن الكبرى، عن أبي أمامة، وعبادة بن الصامت رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خير الضحايا الكبش الأقرن) اه منه. وقد ذكر النووي أن فيه ضعفا، ولا شك أنه تقويه الأحاديث الصحيحة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم بالمداومة على التضحية بالكبشين الأقرنين، أو الكبش الأقرن. كما تقدم إيضاحه.
الفرع السادس: اعلم: أن جمهور أهل العلم: أجازوا اشتراك سبعة، مضحين في بدنة أو بقرة، بأن يشتروها مشتركة بينهم، ثم يهدوا بها، أو يضحوا بها عن كل واحد سبعها.
وقد قدمنا النصوص الصريحة بذلك في الهدي، والظاهر: عدم الفرق في ذلك بين الهدي، والأضحية.
وخالف مالك وأصحابه الجمهور، فقالوا: لا يجوز ذبح بدنة مشتركة، ولا بقرة، وإنما يملكها واحد فيشرك غيره معه في الأجر. أما اشتراكهم في ملكها، فلا يجزئ عند مالك لا في الأضحية ولا في الهدي الواجب، وكذلك هدي التطوع خلافا لأشهب من أصحابه.
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»