يجوز له قطعها وعدم إتمامها، لقوله تعالى: * (وأتموا الحج والعمرة لله) *.
أما حكم استئناف فعلها فقد اختلف فيه أهل العلم، فذهب بعضهم: إلى أنها واجبة في العمر كالحج، وذهب بعضهم: إلى أنها غير واجبة أصلا، ولكنها سنة في العمر مرة واحدة، وممن قال: بأنها فرض في العمر مرة: الشافعي في الصحيح من مذهبه. قال النووي: وبه قال عمر وابن عباس، وابن عمر وجابر وطاوس، وعطاء، وابن المسيب، وسعيد بن جبير، والحسن البصري، وابن سيرين، والشعبي، ومسروق، وأبو بردة بن أبي موسى الحضرمي، وعبد الله بن شداد، والثوري، وأحمد وإسحاق وأبو عبيد وداود.
وممن قال: بأنها سنة في العمر ليست بواجبة: مالك وأصحابه، وأبو حنيفة، وأبو ثور، وحكاه ابن المنذر وغيره، عن النخعي قاله النووي. وقال ابن قدامة في المغني: وتجب العمرة على من يجب عليه الحج في إحدى الروايتين. وروي ذلك عن عمر وابن عباس وزيد بن ثابت، وابن عمر وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وعطاء، وطاوس ومجاهد والحسن، وابن سيرين، والشعبي. وبه قال الثوري، وإسحاق، والشافعي في أحد قوليه. والرواية الثانية ليست بواجبة، وروي ذلك عن ابن مسعود وبه قال مالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي اه. محل الغرض منه.
وإذا علمت أقوال العلماء في العمرة: هل هي فرض في العمر، أو سنة؟ فدونك أدلتهم، ومناقشتها باختصار مع بيان ما يظهر رجحانه منها.
أما الذين قالوا: العمرة فرض في العمر، فقد احتجوا بأحاديث:
منها: حديث أبي رزين العقيلي، وقد قدمنا الكلام عليه مستوفى وهو أنه (أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي شيخ كبير، لا يستطيع الحج، ولا العمرة ولا الظعن، فقال: حج عن أبيك واعتمر) رواه أحمد وأصحاب السنن، وصححه الترمذي ومحل الدليل منه قوله: واعتمر، لأنه صيغة أمر بالعمرة، مقرونة بالأمر بالحج، فأفادت صيغة الأمر الوجوب كما أوضحنا توجيه ذلك مرارا في هذا الكتاب المبارك، وذكر غير واحد عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال: لا أعلم في إيجاب العمرة حديثا أجود من هذا ولا أصح.
ومن أدلتهم على وجوبها قوله تعالى: * (وأتموا الحج والعمرة لله) * بناء على أن المراد بإتمامها في الآية ابتداء فعلها على الوجه الأكمل، لا إتمامها بعد الشروع،