أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ١١٩
وأن الأجوبة التي أجابوا بها عن الاعتراضات الواردة عليه، لا ينهض شيء منها لما قدمنا من أن الله بين في كتابه، أن الأيام المعلومات هي ظرف الذبح والنحر، فتفسيرها بأنها العشرة الأول، يلزمه جواز الذبح في جميعها، وعدم جوازه بعد غروب شمس اليوم العاشر، وهذا كله باطل كما ترى.
وزعم المزني رحمه الله: أن الآية كقوله * (وجعل القمر فيهن نورا) * ظاهر السقوط، لأن كون القمر كوكبا واحدا والسماوات سبعا طباقا قرينة دالة على أنه في واحدة منها دون الست الأخرى.
وأما قوله تعالى: * (ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الا نعام) * فظاهره المتبادر منه أن جميع الأيام المعلومات ظرف لذكر الله على الذبائح، وليس هنا قرينة تخصصه ببعضها دون بعض. فلا يجوز التخصيص ببعضها، إلا بدليل يجب الرجوع إليه، وليس موجودا هنا وتفسيرهم ذكر اسم الله عليها، بأن معناه: أن من رأى هديا أو شيئا من بهيمة الأنعام في العشر استحب له أن يكبر، وأن ذلك التكبير هو ذكر الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، ظاهر السقوط كما ترى، لأنه مخالف لتفسير عامة المفسرين للآية الكريمة، والتحقيق في تفسيرها ما هو مشهور عند عامة أهل التفسير، وهو ذكر اسم الله عليها عند التذكية، كما دل عليه قوله بعده مقترنا به * (فكلوا منها وأطعموا البآئس الفقير) *. وقوله: * (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) *. وقوله: * (وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه) * وتداخل الأيام لا يمنع من مغايرتها، لأن الأعمين من وجه متغايران إجماعا مع تداخلهما في بعض الصور.
ومما يبطل القول بأن الأيام المعلومات هي العشرة المذكورة أن كونها العشرة المذكورة يستلزم عدم جواز الذبح بعد غروب شمس اليوم العاشر، وهو خلاف الواقع لجواز الذبح في الحادي عشر والثاني عشر، بل والثالث عشر عند الشافعية. والتحقيق إن شاء الله في هذه المسألة: أن الأيام المعدودات: هي أيام التشريق التي هي أيام رمي الجمرات. وحكى عليه غير واحد الإجماع، ويدل عليه قوله تعالى متصلا به * (فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه) *، وأن الأيام المعلومات: هي: أيام النحر، فيدخل فيها يوم النحر واليومان بعده، والخلاف في الثالث عشر، هل هو منها كما مر تفصيله، وقد رجع بعض أهل العلم أن الثالث عشر منها. ورجح بعضهم: أنه ليس منها.
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»