أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ١١٥
منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الا نعام) *.
وإذا علمت أن من حكم الأذان في الناس بالحج، ليأتوا مشاة، وركبانا تقربهم إلى ربهم بدماء الأنعام، ذاكرين عليها اسم الله عند تذكيتها، وأن الآية أقرب إلى إرادة الهدي من إرادة الأضحية، فدونك تفصيل أحكام الهدايا التي دعوا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم منها.
اعلم أولا: أن الهدي قسمان: هدي واجب، وهدي غير واجب بل تطوع به صاحبه تقربا لله تعالى، والأيام المعلومات التي ذكر الله عز وجل أنه يذبح فيها، ويذكر عليه اسم الله فيها، للعلماء فيها أقوال كثيرة. والتحقيق إن شاء الله تعالى: أن غير اثنين من تلك الأقوال الكثيرة باطل لا يعول عليه، وأن المعول عليه منها اثنان، لأن القرآن دل على أن الأيام المعلومات: هي أيام النحر، بدليل قوله: * (ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الا نعام) * وذكرهم الله عليها يعني: التسمية عند تذكيتها. فاتضح أنها أيام النحر، والقولان المعول عليهما دون سائر الأقوال الأخرى أحدهما: أنها يوم النحر: ويومان بعده، وعليه فلا يذبح الهدي، ولا الأضحية في اليوم الأخير من أيام منى، الذي هو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة.
قال ابن قدامة في المغني: وهذا القول نص عليه أحمد وقال: وهو عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورواه الأثرم عن ابن عمر وابن عباس، وبه قال مالك والثوري، ويروى عن علي رضي الله عنه أنه قال: أيام النحر: يوم الأضحى، وثلاثة أيام بعده. وبه قال الحسن، وعطاء، والأوزاعي، والشافعي، وابن المنذر. انتهى محل الغرض منه.
وقال أبو عبد الله القرطبي في تفسير هذه الآية: اختلفوا كم أيام النحر. فقال مالك: ثلاثة، يوم النحر ويومان بعده، وبه قال أبو حنيفة، والثوري، وأحمد بن حنبل. وروي ذلك عن أبي هريرة، وأنس بن مالك، من غير اختلاف عنهما.
وقال الشافعي: أربعة أيام، يوم النحر، وثلاثة بعده، وبه قال الأوزاعي، وروي ذلك عن علي رضي الله عنه، وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم. وروى عنهم أيضا مثل قول مالك وأحمد. ا ه محل الغرض منه.
وقال أيضا: قال أبو عمر بن عبد البر: أجمع العلماء على أن يوم النحر: يوم
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»