في سورة (الأنعام): * (قد خسر الذين كذبوا بلقآء الله حتى إذا جآءتهم الساعة بغتة قالوا ياحسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا سآء ما يزرون) *، وقوله في (النحل): * (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا سآء ما يزرون) *، وقوله في (العنكبوت): * (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون) *، وقوله في (فاطر): * (ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شىء ولو كان ذا قربى) *.
وبهذه الآيات التي ذكرنا وأمثالها في القرآن تعلم أن معنى قوله تعالى: * (فإنه يحمل يوم القيامة وزرا) *، وقوله: * (وسآء لهم يوم القيامة حملا) * أن المراد بذلك الوزر المحمول أثقال ذنوبهم وكفرهم يأتون يوم القيامة يحملونها: سواء قلنا إن أعمالهم السيئة تتجسم في أقبح صورة وأنتنها، أو غبر ذلك كما تقدم إيضاحه. والعلم عند الله. وقد قدمنا عمل (ساء) التي بمعنى يئس مرارا. فأغنى ذلك عن إعادته هنا. وقوله تعالى: * (خالدين فيه) *. قال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة: * (خالدين فيه) * يريد مقيمين فيه، أي في جزائه، وجزاؤه جهنم.
تنبيه إفراد الضمير في قوله: * (أعرض) *، وقوله: * (فإنه) * وقوله: * (يحمل) * باعتبار لفظ (من) وأما جمع * (خالدين) * وضمير لهم * (يوم القيامة) * فباعتبار معنى من كقوله: * (ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجرى من تحتها الا نهار خالدين فيهآ) *، وقوله: * (ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيهآ أبدا) *.
وقال الزمخشري في تفسير هذه الآية الكريمة: فإن قلت: اللام في (لهم) ما هي؟ وبم تتعلق؟ قلت: هي للبيان كما في * (هيت لك) *. قوله تعالى: * (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربى نسفا) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنهم يسألونه عن الجبال، وأمره أن يقول لهم: