تنبيه هذه الآية الكريمة بضميمة آية (الأنعام) إليها تدل على لزوم إعفاء اللحية، فهي دليل قرآني على إعفاء اللحية وعدم حلقها. وآية الأنعام المذكورة هي قوله تعالى: * (ومن ذريته داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون) *. ثم إنه تعالى قال بعد أن عد الأنبياء الكرام المذكورين * (أولائك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) * فدل ذلك على أن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم، وأمره صلى الله عليه وسلم بذلك أمر لنا. لأن أمر القدوة أمر لأتباعها كما بينا إيضاحه بالأدلة القرآنية في هذا الكتاب المبارك في سورة (المائدة) وقد قدمنا هناك: أنه ثبت في صحيح البخاري: أن مجاهدا سأل ابن عباس: من أين أخذت السجدة في (ص) قال: أو ما تقرأ * (ومن ذريته داوود) * * (أولائك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) * فسجدها داود فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا علمت بذلك أن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم في سورة (الأنعام)، وعلمت أن أمره أمر لنا. لأن لنا فيه الأسوة الحسنة، وعلمت أن هارون كل موفرا شعر لحيته بدليل قوله لأخيه: * (لا تأخذ بلحيتى) * لأنه لو كان حالقا لما أراد أخوه الأخذ بلحيته تبين لك من ذلك بإيضاح: أن إعفاء اللحية من السمت الذي أمرنا به في القرآن العظيم، وأنه كان سمت الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم. والعجب من الذين مضخت ضمائرهم، واضمحل ذوقهم، حتى صاروا يفرون من صفات الذكورية، وشرف الرجولة، إلى خنوثة الأنوثة، ويمثلون بوجوههم بحلق أذقانهم، ويتشبهون بالنساء حيث يحاولون القضاء على أعظم الفوارق الحسية بين الذكر والأنثى وهو اللحية. وقد كان صلى الله عليه وسلم كث اللحية، وهو أجمل الخلق وأحسنهم صورة. والرجال الذين أخذوا كنوز كسرى وقيصر، ودانت لهم مشارق الأرض ومغاربها: ليس فيهم حالق. نرجو الله أن يرينا وإخواننا المؤمنين الحق حقا، ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
أما الأحاديث النبوية الدالة على إعفاء اللحية، فلسنا بحاجة إلى ذكرها لشهرتها بين الناس، وكثرة الرسائل المؤلفة في ذلك. وقصدنا هنا أن نبين دليل ذلك من القرآن. وإنما قال هارون لأخيه * (قال يبنؤم) * لأن قرابة الأم أشد عطفا وحنانا من قرابة الأب. وأصله. يا بنؤمي بالإضافة إلى ياء المتكلم، ويطرد حذف الياء وإبدالها ألفا وحذف الألف المبدلة منها كما هنا، وإلى ذلك أشار في الخلاصة بقوله: وأصله. يا بنؤمي بالإضافة إلى ياء المتكلم، ويطرد حذف الياء وإبدالها ألفا وحذف الألف المبدلة منها كما هنا، وإلى ذلك أشار في الخلاصة بقوله:
* وفتح أو كسر وحذف اليا استمر * في يا بنؤم يا بن عم لا مفر *