أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٨٩
وأموالا وجاها، وهم بمعزل عن مذهب الصوفية الحق، لا يعلمون بكتاب الله ولا بسنة نبيه، واستعمارهم لأفكار ضعاف القول أشد من استعمار كل طوائف المستعمرين. فيجب التباعد عنهم، والاعتصام من ضلالتهم بكتاب الله وسنة نبيه، ولو ظهر على أيديهم بعض الخوارق، ولقد صدق من قال: نعم، صار المعروف في الآونة الأخيرة، وأزمنة كثيرة قبلها بالاستقراء، أن عاملة الذين يدعون التصوف في أقطار الدنيا إلا من شاء الله منهم دجاجلة يتظاهرون بالدين ليضلوا العوام الجهلة وضعاف العقول من طلبة العلم، ليتخذوا بذلك أتباعا وخدما، وأموالا وجاها، وهم بمعزل عن مذهب الصوفية الحق، لا يعلمون بكتاب الله ولا بسنة نبيه، واستعمارهم لأفكار ضعاف القول أشد من استعمار كل طوائف المستعمرين. فيجب التباعد عنهم، والاعتصام من ضلالتهم بكتاب الله وسنة نبيه، ولو ظهر على أيديهم بعض الخوارق، ولقد صدق من قال:
* إذا رأيت رجلا يطير * وفوق ماء البحر قد يسير * * ولم يقف عند حدود الشرع * فإنه مستدرج أو بدعي * والقول الفصل في ذلك هو قوله تعالى: * (ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولائك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا) *، فمن كان عمله مخالفا للشرع كمتصوفة آخر الزمان فهو الضال. ومن كان عمله موافقا لما جاء به نبينا عليه الصلاة والسلام فهو المهتدي. نرجو الله تعالى أن يهدينا وإخواننا المؤمنين، وألا يزيغنا ولا يضلنا عن العمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم التي هي حجة بيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
* (قال ياهارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا * ألا تتبعن أفعصيت أمرى * قال يبنؤم لا تأخذ بلحيتى ولا برأسى إنى خشيت أن تقول فرقت بين بنى إسرءيل ولم ترقب قولى * قال فما خطبك ياسامري * قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذالك سولت لى نفسى * قال فاذهب فإن لك فى الحيواة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلاهك الذى ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه فى اليم نسفا * إنمآ إلاهكم الله الذى لا إلاه إلا هو وسع كل شىء علما * كذالك نقص عليك من أنبآء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا * من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا * خالدين فيه وسآء لهم يوم القيامة حملا * يوم ينفخ فى الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا * يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا * نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما * ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربى نسفا) * قوله تعالى: * (قال ياهارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن) *. قال بعض أهل العلم: (ا) في قوله: * (ألا تتبعن) * زائدة للتوكيد. واستدل من قال ذلك بقوله تعالى في (الأعراف): * (قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) * قال لأن المراد: ما منعك أن تسجد إذ أمرتك. بدليل قوله في القصة بعينها في سورة (ص): * (قال ياإبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى) *. فحذف لفظة (لا) في (ص) مع ثبوتها في (الأعراف) والمعنى واحد. فدل ذلك على أنها مزيدة للتوكيد.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: قد عرف في اللغة العربية أن زيادة لفظة (لا) في الكلام الذي فيه معنى الجحد لتوكيده مطردة. كقوله هنا: * (ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن) * أي ما منعك أن تتبعني، وقوله: * (ما منعك أن تسجد) * بدليل قوله في (ص): * (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى) *، وقوله تعالى: * (لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شىء من فضل الله) *. أي ليعلم أهل الكتاب، وقوله * (فلا وربك لا يؤمنون) * إي فوربك لا يؤمنون، وقوله: * (ولا تستوى
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»