تغيض الا رحام وما تزداد وكل شىء عنده بمقدار) *.
ومراد الأصوليين أن المدلول عليه بالإشارة لم يقصد باللفظ، أن اللفظ لا يتناوله بحسب الوضع اللغوي، مع علمهم بأن علم الله محيط بكل شيء، سواء دل عليه اللفظ المذكور بمنطوقه أو لم يدل عليه، وحجتهم في أنه واجب يجبر بدم أنه نسك، وفي أثر ابن عباس: من ترك نسكا فعليه دم، كما سيأتي إيضاحه إن شاء الله تعالى.
وأما حجة من قال: إنه ركن فهي من كتاب وسنة.
أما الكتاب، فقوله تعالى: * (فإذآ أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام) * قالوا: فهذا الأمر القرآني الصريح، يدل على أنه لا بد من ذكر الله عند المشعر الحرام بعد الإفاضة من عرفة.
وأما السنة، فمنها حديث عروة بن مضرس، الذي سقناه سابقا، فإن فيه (من أدرك معنا هذه الصلاة، وكان قد أتى عرفات، قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه) قالوا: فقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مضرس هذا (من أدرك معنا هذه الصلاة) الحديث. يفهم منه أن من لم يدركها معهم لم يتم حجه، ولم يقض تفثه، والمراد بها صلاة الصبح بمزدلفة كما هو واضح، قالوا: وفي رواية عند النسائي، عن عروة بن مضرس: من أدرك جمعا مع الإمام، والناس حتى يقيض منها، فقد أدرك الحج، ومن لم يدرك مع الناس الإمام فلم يدرك، قالوا: ولأبي يعلى ومن لم يدرك جمعا، فلا حج له. وأجاب الجمهور القائلون: بأن المبيت بمزدلفة، ليس بركن، عن أدلة هؤلاء القائلين: إنه ركن لا يتم الحج إلا به.
قالوا: أما الآية التي استدلوا بها على وجوب الوقوف بمزدلفة التي هي قوله تعالى: * (فإذآ أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام) *، فإنها لم تتعرض للوقوف بمزدلفة أصلا، وإنما أمر فيها بذكر الله عند المشعر الحرام.
قالوا: وقد أجمعوا كلهم على أن من وقف بمزدلفة، ولم يذكر الله أن حجه تام، فإذا كان الذكر المذكور في الكتاب ليس من صلب الحج بإجماعهم فالموطن الذي يكون الذكر فيه أحرى أن لا يكون فرضا، وأجابوا عن استدلالهم بمفهوم الشرط في حديث عروة بن مضرس المذكور (من أدرك معنا هذه الصلاة) الحديث. بأنهم أجمعوا كلهم، على أنه لو بات بمزدلفة ووقت قبل ذلك بعرفة، ونام عن صلاة الصبح، فلم يصلها مع الإمام، حتى