المسألة السابعة: اعلم أن العلماء أجمعوا على أن الوقوف بعرفة: ركن من أركان الحج لا يصح الحج بدونه، وأنهم أجمعوا على أن الوقوف ينتهي وقته بطلوع فجر يوم النحر، فمن طلع فجر يوم النحر، وهو لم يأت عرفة فقد فاته الحج إجماعا، ومن جمع في وقوف عرفة بين الليل والنهار وكان جزء النهار الذي وقف فيه من بعد الزوال فوقوفه تام، ومن اقتصر على جزء من الليل دون النهار صح حجه، ولزمه دم عند المالكية، خلافا لجماهير أهل العلم القائلين: بأنه لا دم عليه، وما ذكره النووي عن بعض الخراسانيين: من أن الوقوف بالليل لا يجزئ ولا يصح به الحج، حتى يقف معه بعض النهار ظاهر السقوط لمخالفته للنص، وعامة أهل العلم، ومن اقتصر على جزء من النهار دون الليل لم يصح حجه عند مالك، وهو رواية عن أحمد، وعند الشافعي، وأبي حنيفة وأحمد في الرواية الأخرى: حجه صحيح، وعليه دم، ولا خلاف بين العلماء: أن عرفة كلها موقف.
والدليل على أن الوقوف بعرفة ركن، وأن وقته ينتهي بطلوع الفجر ليلة النحر: ما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن، وغيرهم من حديث عبد الرحمان بن يعمر الديلي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الحج عرفة، فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحج) قال ابن حجر في التلخيص الحبير في هذا الحديث: رواه أحمد وأصحاب السنن وابن حبان، والحاكم، والدارقطني، والبيهقي من حديث عبد الرحمان بن يعمر، قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة، وأتاه ناس من أهل نجد فقالوا: يا رسول الله كيف الحج؟ فقال (الحج عرفة من جاء عرفة قبل صلاة الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه) لفظ أحمد وفي رواية لأبي داود (من أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج) وألفاظ الباقين نحوه.
وفي رواية للدارقطني والبيهقي: الحج عرفة الحج عرفة. انتهى من التلخيص.
وفي سنن أبي داود: الحج الحج يوم عرفة، بتكرير لفظة الحج. وفي سنن النسائي: فمن أدرك ليلة عرفة قبل طلوع الفجر من ليلة جمع، فقد تم حجه. وقال ابن ماجة في سننه، بعد أن ساق الحديث باللفظ الذي ذكره صاحب التلخيص: قال محمد بن يحيى: ما أرى للثوري حديثا أشرف منه. وقال النووي في شرح المهذب: حديث عبد الرحمان الديلي صحيح رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وآخرون بأسانيد صحيحة.