ومما يدل على ذلك ما رواه أبو داود في سننه: حدثنا هناد بن السري، عن ابن أبي زائدة، ثنا ابن جرير، ومحمد بن إسحاق، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: والله ما أعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة في ذي الحجة إلا ليقطع بذلك أمر أهل الشرك، فإن هذا الحي من قريش، ومن دان دينهم، كانوا يقولون: إذا عفا الوبر وبرأ الدبر ودخل صفر، فقد حلت العمرة لمن اعتمر. فكانوا يحرمون العمرة، حتى ينسلخ ذو الحجة والمحرم ا ه.
وقد بين الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى في السنن الكبرى: أن حديث ابن عباس المتفق عليه المذكور، دال على ذلك، ولا ينافي ذلك أن ابن عباس رضي الله عنهما يرى فسخ الحج في العمرة لازما، لأنه لا مانع من أن يكون يعلم أن الفسخ لبيان الجواز المذكور، كما دل عليه حديثه، وهو يرى بقاء حكمه، ولو كان سببه الأول بيان الجواز ولكن غيره من الخلفاء الراشدين وغيرهم من المهاجرين والأنصار خالفوه في رأيه ذلك.
الدليل الثاني من أدلتهم: على أن فسخ الحج في العمرة المذكور لبيان الجواز، وأنه خاص بذلك الركب، وتلك السنة، هو ما جاء من الأحاديث دالا على ذلك، قال أبو داود في سننه: حدثنا النفيلي، ثنا عبد العزيز يعني ابن محمد، أخبرني ربيعة بن أبي عبد الرحمان، عن الحارث بن بلال بن الحارث، عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله فسخ الحج لنا خاصة أو لمن بعدنا؟ قال: (بل لكم خاصة) ا ه.
وقال النسائي في سننه: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبد العزيز، وهو الدراوردي، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمان، عن الحارث بن بلال، عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله أفسخ الحج لنا خاصة، أم للناس عامة؟ قال (بل لنا خاصة) ا ه.
وقال ابن ماجة في سننه: حدثنا أبو مصعب، ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمان، عن الحارث بن بلال بن الحارث، عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، أرأيت فسخ الحج في العمرة لنا خاصة أم للناس عامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بل لنا خاصة).
وقال مسلم بن الحجاج في صحيحه: وحدثنا سعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب قالوا: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش عن إبراهيم التيمي، عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة.