وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الرحمان بن مهدي، عن سفيان، عن عياش العامري، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: كانت لنا رخصة يعني: المتعة في الحج. وحدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جرير، عن فضيل، عن زبيد، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه قال: قال أبو ذر رضي الله عنه: لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة، يعني متعة النساء، ومتعة الحج، حدثنا قتيبة، حدثنا جرير، عن بيان، عن عبد الرحمان بن أبي الشعثاء، قال: أتيت إبراهيم النخعي، وإبراهيم التيمي فقلت: إني أهم أن أجمع العمرة والحج العام، فقال إبراهيم النخعي: لكن أبوك لم يكن ليهم بذلك، قال قتيبة: حدثنا جرير، عن بيان، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه: أنه مر بأبي ذر رضي الله عنه بالربذة فذكر ذلك له فقال: إنما كانت لنا خاصة دونكم. وقال البيهقي وغيره من الأئمة: مراد أبي ذر بالمتعة المذكورة: المتعة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها أصحابه رضي الله عنهم وهي فسخ الحج في العمرة. واستدلوا على أن الفسخ المذكور: هو مراد أبي ذر رضي الله عنه بما رواه أبو داود في سننه: حدثنا هناد، يعني ابن السري، عن ابن أبي زائدة: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمان بن الأسود، عن سلم بن الأسود: أن أبا ذر كان يقول فيمن حج ثم فسخها بعمرة: لم يكن ذلك إلا للركب الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالوا: فهذه الرواية التي في سنن أبي داود فيها التصريح من أبي ذر رضي الله عنه، بفسخ الحج في العمرة وهي تفسر مراده بالمتعة في رواية مسلم، وضعفت رواية أبي داود هذه، بأن ابن إسحاق المذكور فيها مدلس. وقد قال عن عبد الرحمان بن الأسود: وعنعنة المدلس لا تقبل عند أهل الحديث، حتى يصح السماع من طريق أخرى. ويجاب عن تضعيف هذه الرواية من جهتين:
الأولى: أن مشهور مذهب مالك، وأحمد، وأبي حنيفة رحمهم الله: صحة الاحتجاج بالمرسل، ومعلوم أن من يحتج بالمرسل يحتج بعنعنة المدلس من باب أولى، كما قدمناه مرارا.
والثانية: أن المقصود من رواية أبي داود المذكورة بيان المراد برواية مسلم، والبيان يقع بكل ما يلزم الإبهام ولو قرينة أو غيرها، كما هو مقرر في الأصول. وقد قدمناه مرارا أيضا.
وما ذكره عن أبي ذر من الخصوصية المذكورة قاله عثمان بن عفان رضي الله عنه ورد المخالفون الاستدلال بالحديثين المذكورين من جهتين: