التساوي فيها فيكون الجمع لنوع شبه خال من العلة ودليلها.
ثم ذكر رحمه الله لقياس الشبه الفاسد أمثلة أخرى في الآيات الدالة على أن الكفار كذبوا الرسل بقياس الشبه حيث شبهوهم بالبشر، وزعموا أن ذلك الشبه مانع من رسالتهم. كقوله تعالى عن الكفار أنهم قالوا: * (ما نراك إلا بشرا مثلنا) *، وقوله تعالى عنهم: * (ما هاذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه) *. إلى غير ذلك من الآيات. فالمشابهة بين الرسل وغيرهم في كون الجميع بشرا لا تقتضي المساواة بينهم في انتقاء الرسالة عنهم جميعا، ولما قالوا للرسل * (مآ أنتم إلا بشر مثلنا) * أجابوهم بقولهم: * (إن نحن إلا بشر مثلكم ولاكن الله يمن على من يشآء من عباده) *. وقياس الكفار الرسل على سائر البشر في عدم الرسالة قياس ظاهر البطلان. لأن الواقع من التخصيص والتفضيل، وجعل بعض البشر شريفا وبعضه دنيا وبعضه مرؤوسا وبعضه رئيسا وبعضه ملكا. وبعضه سوقا يبطل هذا القياس. كما أشار إليه جواب الرسل المذكور آنفا، يشير إليه قوله تعالى: * (أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحيواة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون) * وهذه الأمثلة من قياس الشبه ليس فيها وصف مناسب بالذات ولا بالتبع. فلذلك كانت باطلة.
ثم ذكر ابن القيم رحمه الله: أن جميع الأمثال في القرآن كلها قياسات شبه صحيحة. لأن حقيقة المثل تشبيه شيء بشيء في حكمه، وتقريب المعقول من المحسوس أو أحد المحسوسين من الآخر واعتبار أحدهما بالآخر. ثم سرد الأمثال القرآنية ذلك فيها واحدا واحدا، وأطال الكلام في ذلك فأجاد وأفاد.
وقال في آخر كلامه: قالوا فهذا بعض ما اشتمل عليه القرآن من التمثيل والقياس، والجمع والفرق، واعتبار العلل والمعاني وارتباطها بأحكامها تأثيرا واستدلالا. قالوا: وقد ضرب الله سبحانه الأمثال، وصرفها قدرا وشرعا، ويقظة ومناما، ودل عباده على الاعتبار بذلك. وعبورهم من الشيء إلى نظيره، واستدلالهم بالنظير على النظير. بل هذا أصل عبارة الرؤيا التي هي جزء من أجزاء النبوة، ونوع من أنواع الوحي. فإنها مبنية على القياس والتمثيل، واعتبار المعقول بالمحسوس.
ألا ترى أن الثياب في التأويل كالقمص تدل على الدينا فما كان فيها من طول أو