يدخل في تأليف القرآن: فما ظنك بسائر الأحكام؟ وإلى الشبه المذكور أشار في مراقي السعود بقوله: وإن لكم فى الا نعام لعبرة نسقيكم مما فى بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سآئغا للشاربين) * وقد قدمنا في أول سورة (براءة) كلام ابن العربي الذي قال فيه: ألا ترى إلى عثمان وأعيان الصحابة كيف لجؤوا إلى قياس النسبة عند عدم النص، ورأوا أن قصة (براءة) شبيهة بقصة (الأنفال) فألحقوا بها، فإذا كان القياس يدخل في تأليف القرآن: فما ظنك بسائر الأحكام؟ وإلى الشبه المذكور أشار في مراقي السعود بقوله:
* والشبه المستلزم المناسبا * مثل الوضو يستلزم التقربا * * مع اعتبار جنسه القريب * في مثله للحكم لا للغريب * * صلاحه لم يدر دون الشرع * ولم ينط مناسب بالسمع * * وحيثما أمكن قيس العلة * فتركه بالاتفاق أثبت * * إلا ففي قبوله تردد * غلبة الأشباه هو الأجود * * في الحكم والصفة ثم الحكم * فصفة فقط لدى ذي العلم * * وابن علية يرى للصوري * كالقيس للخيل على الحمير * واعلم أن قياس الطرد يصدق بأمرين. لأن الطرد يطلق إطلاقين: يطلق يطلق على الوصف الطردي الذي لا يصلح لإناطة حكم به لخلوه من الفائدة. كما لو ظن بعض القائلين بنقض الوضوء بلحم الجزور: أن علة النقض به الحرارة فألحق به لحم الظبي قائلا: إنه ينقض الوضوء قياسا على لحم الجزور بجامع الحرارة. فهذا القياس باطل. لأنه الوصف الجامع فيه طردي. ومثله كل ما كان الوصف الجامع فيه طردنا وهو أحد الأمرين للذين يطلق عليهما قياس الطرد.
والأمر الثاني منهما هو القياس الذي الوصف الجامع فيه مستنبطا بالمسلك الثامن المعروف (بالطرد) وهو الدوري الوجودي، وإيضاحه. أنه مقارنة الحكم للوصف في جميع صورة غير الصورة التي فيها النزاع في الوجود فقط دون العدم. والاختلاف في إفادته العلة معروف في الأصول.
واعلم أن القياس وما يتعلق به موضح في فن أصول الفقه والأدلة التي تدل على أن الوصف المعين علة للحكم المعين هي المعروفة بمسالك العلة، وهي عشرة عند من يعد منها إلغاء الفارق، وتسعة عند من لا يعده منها، وهي: النص، والإجماع، والإيماء، والسبر والتقسيم، والمناسبة، والشبه، والدوران، والطرد، وتنقيح المناط، وإلغاء الفارق، والتحقيق أنه نوع من تنقيح المناط كما قدمنا. وقد نظمها بعضهم بقوله: وقد نظمها بعضهم بقوله:
* مسالك علة رتب فنص * فإجماع فإيماء فبر * * مناسبة كذا مشبه فيتلو * له الدوران طرد يستمر * * فتنقيح المناط فألغ فرقا * وتلك لمن أراد الحصر عشر *