ومحل إيضاحها فن أصول الفقه، وقد أوضحناها في غير هذا المحل.
وأما القوادح في الدليل من قياس وغيره، فهي معروفة في فن الأصول وقد نظمها باختصار الشيخ عمر الفاسي بقوله: وأما القوادح في الدليل من قياس وغيره، فهي معروفة في فن الأصول وقد نظمها باختصار الشيخ عمر الفاسي بقوله:
* القدح بالنقض وبالكسر معا * نخلف العكس وبالقلب اسمعا * * وعدم التأثير بالوصف وفي * أصل وفرع ثم حكم فاقتفي * * والمنع والفرق وبالتقسيم * وباختلاف الضابط المعلوم * * وفقد الانضباط والظهور * والخدش في تناسب المذكور * * وكون ذاك الحكم لا يفضي إلى * مقصود ذي الشرع العزيز فاقبلا * * والخدش في الوضع والاعتبار * والقول بالموجب ذو اعتبار * * وابدأ باستفسار في الإجمال * أو الغرابة بلا إشكال * وإنما لم نوضح هنا المسالك والقوادح. لأن ذلك يفضي إلى الإطالة المملة، مع أن الجميع موضح في أصول الفقه، وقد أوضحناه في غير هذا الموضع، وقصدنا هنا التنبيه عليه في الجملة من غير تفصيل. فإذا علمت ذلك فاعلم أن العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى شفى الغليل بما لا مزيد عليه في هذه المسائل في كتابه (إعلام الموقعين عن رب العالمين) وسنذكر هنا إن شاء الله جملا وافية مفيدة من كلامه في هذا الموضوع الذي نحن بصدده. قال رحمه الله في كلامه على قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في رسالته المشهورة إلى أبي موسى: (ثم الفهم الفهم فيما أدلى إليك مما ورد عليك مما ليس في قرآن ولا سنة، لم قايس بين الأمور عند ذلك، واعرف الأمثال، ثم اعمد فيها ترى إلى أحبها إلى الله، وأشبهها بالحق) ما نصه:
هذا أحد ما اعتمد عليه القياسيون في الشريعة، قالوا: هذا كتاب عمر إلى أبي موسى ولم ينكره أحد من الصحابة، بل كانوا متفقين على القول بالقياس وهو أحد أصول الشريعة، ولا يستغنى عنه فقيه. وقد أرشد الله تعالى عباده إليه في غير موضع من كتابه، فقاس النشأة الثانية على النشأة الأولى في الإمكان، وجعل النشأة الأولى أصلا، والثانية فرعا عليها، وقاس حياة الأموات على حياة الأرض بعد موتها بالنبات، وقاس الخلق الجديد الذي أنكره أعداؤه على خلق السماوات والأرض، وجعله من قياس الأولى، كما جعل قياس النشأة الثانية على الأولى من قياس الأولى، وقاس الحياة بعد الموت على اليقظة بعد النوم. وضرب الأمثال وصرفها في الأنواع المختلفة، وكلها أقيسة عقلية ينبه بها