أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ١٨
(بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام) إلى آخر كتابه صلى الله عليه وسلم.
* (إنا قد أوحى إلينآ أن العذاب على من كذب وتولى * قال فمن ربكما ياموسى * قال ربنا الذى أعطى كل شىء خلقه ثم هدى * قال فما بال القرون الا ولى * قال علمها عند ربى فى كتاب لا يضل ربى ولا ينسى * الذى جعل لكم الا رض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السمآء مآء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى * كلوا وارعوا أنعامكم إن فى ذالك لأيات لا ولى النهى * منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) * قوله تعالى: * (إنا قد أوحى إلينآ أن العذاب على من كذب وتولى) *. ما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة عن موسى وهارون. أن الله أوحى إليهما أن العذاب على من كذب وتولى أشير إلى نحوه في آيات كثيرة من كتاب الله تعالى. كقوله: * (فأما من طغى وءاثر الحيواة الدنيا فإن الجحيم هى المأوى) *، وقوله تعالى: * (فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلاهآ إلا الا شقى الذى كذب وتولى) *. وقوله تعالى: * (فلا صدق ولا صلى ولاكن كذب وتولى ثم ذهب إلى أهله يتمطى أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى) * إلى غير ذلك من الآيات. قوله تعالى: * (قال فمن ربكما ياموسى قال ربنا الذى أعطى كل شىء خلقه ثم هدى) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن موسى وهارون لما بلغا فرعون ما أمرا بتبليغه إياه قال لهما: من ربكما الذي تزعمان أنه أرسلكما إليا؟ زاعما أنه لا يعرفه. وأنه لا يعلم لهما إلاها غير نفسه، كما قال: * (ما علمت لكم من إلاه غيرى) *، وقال: * (لئن اتخذت إلاها غيرى لأجعلنك من المسجونين) *. وبين جل وعلا في غير هذا الموضع أن قوله * (من * ربكما) * تجاهل عارف بأنه عبد مربوب لرب العالمين، وذلك في قوله تعالى: * (قال لقد علمت مآ أنزل هاؤلاء إلا رب السماوات والا رض بصآئر) *، وقوله: * (فلما جآءتهم ءاياتنا مبصرة قالوا هاذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتهآ أنفسهم ظلما وعلوا) * كما تقدم إيضاحه. وسؤال فرعون عن رب موسى، وجواب موسى له جاء موضحا في سورة (الشعراء) بأبسط مما هنا، وذلك في قوله: * (قال فرعون وما رب العالمين قال رب السماوات والا رض وما بينهمآ إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب ءابآئكم الا ولين قال إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهمآ إن كنتم تعقلون قال لئن اتخذت إلاها غيرى لأجعلنك من المسجونين قال أولو جئتك بشىء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هى ثعبان مبين ونزع يده فإذا هى بيضآء للناظرين) * إلى آخر القصة.
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»